منهج الذهبي في التلخيص
اختصر الحافظ الذهبي - رحمه الله - المستدرك، قال في مقدمته: هذا ما لخص محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي من كتاب المستدرك على الصحيحين رحمه الله، فأتى بالمتون، وعلق الأسانيد وتكلم عليها. ا هـ. ومع أنه له تعليقات مفيدة، وتعقيبات علمية متينة، إلا أني وجدته [ ص: 28 ] - رحمه الله - تبع للحافظ أبي عبد الله الحاكم كثيرا في بعض أوهامه؛ ولعل ذلك لأنه لم يتسن له أن يرجع دائما إلى المصادر. وقد مر بك قوله: وبكل حال، فهو كتاب مفيد قد اختصرته ويعوز عملا وتحريرا. ا هـ. وقد وجدته كثيرا ما يقول: على شرط الحاكم البخاري ، وقد يكونا أخرجاه أو أخرجه أحدهما، وإنما استدرك من ذلك طائفة قليلة; وقد قال ومسلم تعقيبا على حديث الحاكم أبي شريح الكعبي في الضيافة: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد صحت الرواية فيه أيضا عن ، وأظنهما قد خرجاه، والذي عندي أن الشيخين رضي الله عنهما أهملا حديث أبي هريرة أبي شريح لرواية عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن رضي الله عنه. فاختصر ذلك أبي هريرة الذهبي قال: وصح من طريق ، وأظن أخرجاه. أبي هريرة
وغلبة الظن أن الحافظ الذهبي كانت تعليقاته على المستدرك متباعدة، بحيث إنه كان ينسى ما علق به على الحديث في موضعه الأول إذا تكرر، فقد تكرر منه المخالفة في التعليق عند تكرار الحديث: مثاله: ما علق به على الحديث رقم (7486) قال: قد أخرجه . ولما تكرر برقم (8276) قال: على شرط البخاري البخاري . ومسلم
والذي يظهر لي من استقراء تعليقات الذهبي - رحمه الله - أنه إذا قال: على شرط البخاري ، ولم يقيده بشيء فمراده: ولم يخرجاه، كما ذهب إليه ومسلم ، لأنه يذكر في استدراكاته ما يراه صوابا، فيقول مثلا: ذا في الحاكم ، أو: ذا في مسلم ، أو نحو ذلك. بل قال تعليقا على الحديث رقم (6758) على شرط البخاري البخاري إن لم يكونا أخرجاه. ا هـ. فظهر أن مراده ما أسلفنا. ومسلم
وليس معنى سكوت الذهبي عن الحكم على الحديث الموافقة أو المخالفة للحاكم، فقد يرجئ الحكم للنظر: هل الحديث رواه الشيخان أو أحدهما أو لا؟ بل إنه حذف بعض الأحاديث من التلخيص، وقد أخرجها الشيخان أو أحدهما .