الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1606 1692 - وعن عروة، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تمتعه بالعمرة إلى الحج، فتمتع الناس معه، بمثل الذي أخبرني سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [ مسلم: 1228 - فتح: 3 \ 539]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة.. الحديث بطوله.

                                                                                                                                                                                                                              وفي آخره: وعن عروة، أن عائشة أخبرته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تمتعه بالعمرة إلى الحج، فتمتع الناس معه، بمثل الذي أخبرني سالم، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 33 ] قال أبو نعيم الأصبهاني: خرجه البخاري مسندا: عن ابن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب ، عن عروة، فذكره، ومسلم ساقه بطوله، إلى حديث عروة، عن عائشة.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى: تمتع: أي: أمر به وأباحه، وكذلك معنى: (قرن بينه): أنه قال: فكان من الناس من أهدى، وما في آخره من تعليم الناس يفسر ما في أوله من إشكال (تمتع). وقد صح عن ابن عمر أنه رد قول أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - يتمتع، وقال: أهل بالحج وأهللنا. كما سلف، فتعين التأويل. وقال المهلب والداودي: معنى: تمتع ها هنا: قرن، وقيل له: متمتع; لأنه (لا يسقط) عمل العمرة المنفردة، ولا يعمل في الحج إلا عملا واحدا.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه" ولم يقل: وعمرته، وهو دال على أنه لم يتمتع; لأنه ساق الهدي، ولم يحل كما حل من لم يسقه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "فليطف بالبيت، وبالصفا والمروة" ظاهر في وجوب السعي.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالحج) . ثم قال ابن بطال: إنما يريد أنه بدأ حين أمرهم بالتمتع أن يهلوا بالعمرة أولا، ويقدموها قبل الحج، وأن ينشئوا الحج قبلها إذا حلوا منها.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فتمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تمتعوا بحضرته.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 34 ] وأما قوله: (وعن عروة) إلى مثل خبر سالم عن أبيه، فنعم، هو مثله في الوهم; لأن أحاديث عائشة كلها من رواية عروة والأسود والقاسم وعمرة مسقطة لهذا الوهم; لأنهم يروون عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نرى إلا الحج. ورواية أبي الأسود عن عروة عنها: "أنه أهل بالحج" مخالفة لرواية ابن شهاب ، عن عروة عنها في تمتعه بالعمرة، وموافقة لرواية الجماعة عن عائشة.

                                                                                                                                                                                                                              وأما ترجمة الباب فساقها; ليعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم، واختلف العلماء في ذلك: فقال مالك: من اشترى هديه بمكة أو بمنى ونحره، ولم يقف به بعرفة في الحل فعليه بدله. وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن جبير، وبه قال الليث، وروي عن القاسم: أنه أجازه، وإن لم يقف به بعرفة، وبه قال أبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: وقف الهدي بعرفة سنة لمن شاء، إذا لم يسقه من الحل، وقال أبو حنيفة: ليس بسنة; لأنه - عليه السلام - إنما ساق الهدي من الحل; لأن مسكنه كان خارج الحرم، والحجة لمالك: أنه - عليه السلام - ساقه من الحل إلى الحرم، وقال: "خذوا عني مناسككم".




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية