[ ص: 87 ] فصل في معرفة الاعتبار، والمتابعة، والشاهد
وقد أكثر من ذكر المتابعة، فإذا روى البخاري حماد مثلا حديثا عن عن أيوب، عن ابن سيرين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظرنا هل تابعه ثقة فرواه عن أبي هريرة، أيوب؟ فإن لم نجد فثقة غير عن أيوب وإلا فثقة غير ابن سيرين، عن ابن سيرين وإلا فصحابي غير أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -; فأي ذلك وجد علم أن له أصلا يرجع إليه وإلا فلا، فهذا النظر هو الاعتبار. أبي هريرة،
وأما المتابعة: فأن يرويه عن غير أيوب حماد، أو عن غير ابن سيرين أو عن أيوب، غير أبي هريرة أو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ابن سيرين، فكل نوع من هذه يسمى متابعة. وأفضلها الأولى، وهي: متابعة أبي هريرة. حماد في الرواية عن ثم ما بعده على الترتيب، وسببه أنها تقويه، والمتأخر إلى التقوية أحوج. أيوب،
وأما الشاهد: فأن يروى حديث آخر بمعناه. وتسمى المتابعة شاهدا، ولا ينعكس، فإذا قالوا في مثل هذا: تفرد به أو أبو هريرة أو ابن سيرين أو أيوب حماد، كان مشعرا بانتفاء وجوه المتابعات كلها فيه. ثم إنه يدخل في المتابعة والاستشهاد رواية بعض الضعفاء. وفي "الصحيح" جماعة منهم ذكروا في المتابعات والشواهد، ولا يصلح [ ص: 88 ] لذلك كل ضعيف. ولهذا يقول وغيره: فلان يعتبر به وفلان لا يعتبر به. الدارقطني
ولنذكر مثالا للمتابع والشاهد ليتضح لك ذلك: فحديث عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عطاء، عن أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس ورواه "لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به" عن ابن جريج عمرو عن بدون الدباغ. تابع عطاء عمرا أسامة بن زيد فرواه عن عن عطاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس وشاهده حديث "ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فانتفعتم به" عبد الرحمن بن وعلة عن رفعه: ابن عباس "أيما إهاب دبغ فقد طهر".
ثم اعلم أن البخاري -رحمه الله- قد يأتي بالمتابعة ظاهرا، كقوله في مثل هذا: تابعه عن مالك أي: تابع أيوب. مالك حمادا فرواه عن كرواية أيوب حماد، فالضمير في (تابعه) يعود إلى حماد، وتارة يقول: تابعه ولا يزيد، فنحتاج إذا إلى معرفة طبقات الرواة ومراتبهم، فتنبه لذلك. مالك