الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5946 6305 - وقال لي nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة: قال nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16043أبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=hadith&LINKID=655830عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل نبي سأل سؤلا -أو قال: nindex.php?page=treesubj&link=31777_31036_25036_33177_30373لكل نبي دعوة قد دعا بها- فاستجيب، فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". [مسلم: 200 - فتح: 11 \ 96]
حدثنا إسماعيل قال: حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=657305أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة"
وقال لي nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة: قال nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر: سمعت أبي، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=hadith&LINKID=655830عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل نبي سأل سؤلا -أو قال: لكل نبي دعوة قد دعا بها-
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس من عبد يدعو الله إلا استجاب له، وإن كان الذي دعا به رزقا له في الدنيا، أعطاه إياه، وإن لم يكن له رزقا في الدنيا ادخر له.
وروي: nindex.php?page=hadith&LINKID=840668 "ما من داع يدعو الله إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له; يعطى ما سأل، أو يصرف عنه به، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه به".
ومعنى داخرين: أذلاء صاغرين.
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: ولكل نبي دعوة مستجابة. ثم ساق من حديث nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - nindex.php?page=hadith&LINKID=657305أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر: سمعت أبي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=693658 "كل نبي سأل سؤالا -أو قال- لكل نبي دعوة قد دعاها فاستجيبت فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".
[ ص: 177 ] الشرح:
هذا التعليق أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم (في الإيمان) من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12137محمد بن العلاء، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر به، وعنده في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=657301 "وأردت إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" وفي رواية: nindex.php?page=hadith&LINKID=657304 "فتعجل كل نبي دعوته، وإني أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا"، وفي رواية: nindex.php?page=hadith&LINKID=657306 "لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها فيستجاب فيؤتاها وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" (وفي رواية): nindex.php?page=hadith&LINKID=657306 "لكل نبي دعوة دعا بها في أمته فاستجيب، وأريد أن أدخر دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".
وهذا من حسن نظره - عليه أفضل الصلاة والسلام -; حيث اختار أن تكون دعوته فيما ينبغي، ومن فضل كرمه أن جعلها لأمته شفاعة للمذنبين، فكأنه - عليه السلام - هيأ النجائب للمنقطعين; ليلحقهم بالسابقين. نبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي.
وقوله: ("دعا بها في أمته") يحتمل وجهين: أن يكون دعا بها لنفسه. وهو فيهم، أو دعا بها فيهم إما لصلاحهم، أو لهلاكهم.
[ ص: 178 ] ومعنى: "لكل نبي دعوة" أي: أفضل دعائه، وكذا قوله: (كل نبي سأل سؤالا". والسؤال: ما يسأله المرء، قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قد أوتيت سؤلك يا موسى [طه: 36] قرئ بالهمز وتركه. ولهم دعوات غير ذلك: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - سأل ألا تهلك أمته بالسنين فأعطيها، وسأل ألا يسلط عليهم عدوهم، وسأل ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعها، وجعل بأسهم بينهم كفارات.
nindex.php?page=treesubj&link=19736_19735أمر الله عباده بالدعاء وضمن لهم الإجابة في الآية المذكورة. وقيل: المعنى ادعوني بطاعتكم إياي، أستجب لكم في الذي التمستم مني بعبادتكم إياي، ومن طاعة العبد ربه دعاؤه إياه، ورغبته في حاجته إليه دون ما سواه، والمخلص له العبادة المتضرع إليه في حاجته،
[ ص: 179 ] موقن أن قضاءها بيده، مفترض لعجزها منه، ومن عبادته إياه تضرعه إليه فيها. وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن سفيان، عن صالح -مولى التوأمة- عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=37331 "من لم يدع الله غضب (الله) عليه".
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن منصور، عن ذر، عن يسيع الحضرمي، عن nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=665664 "الدعاء هو العبادة" وقرأ: nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي [غافر: 60] فسمى الدعاء عبادة. وروى nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -، أنه - عليه السلام - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=847037 "إن الله يحب الملحين في الدعاء".
[ ص: 180 ] فإن قلت: قول nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء: يكفي من الدعاء مع العمل ما يكفي من الطعام مع الملح. وقيل لسفيان: ادع الله. قال: إن ترك الذنوب هو الدعاء، مخالف لما جاء في فضل nindex.php?page=treesubj&link=19769الإلحاح في الدعاء، والأمر بالدعاء والضراعة إلى الله.
قلت: لا; لأن الذي جبلت عليه النفوس، أن من طلب حاجة ممن هو ساخط عليه لأمر تقدم منه، استوجب به سخطه، أنه بالحرمان أولى، ممن هو عنه راض لطاعته له واجتنابه سخطه فإذا علم من عبده المطيع له حاجة إليه، كفاه اليسير من الدعاء.
فإن قلت: فما علامة الإجابة؟
قلت: روى nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب أن أم الدرداء قالت له: يا شهر، إن شفق المؤمن في قلبه كسعفة أحرقتها في النار، ثم قالت: يا شهر، ألا تجد القشعريرة؟ قلت: نعم قالت: فادع الله; فإن الدعاء يستجاب عند ذلك. وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=17060أبي الخير أنه سمع أبا رهم السماعي يقول: ما يشعر به عند الدعاء العطاس.
فصل:
فإن قلت: ما معنى قوله: "لكل نبي دعوة مستجابة" وقد قال تعالى للناس كافة: nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم [غافر: 60] فعم كل الدعاء، وهذا وعد من الله لعباده وهو لا يخلف الميعاد، وإنما خص كل نبي بدعوة واحدة مستجابة فأين فضل درجة النبوة. قيل: ليس الأمر كما ظننت ولا تدل الآية على أن كل دعاء مستجاب لداعيه، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: إنما يستجاب من الدعاء ما وافق القدر. وليس الحديث مما يدل أنه
[ ص: 181 ] لا يستجاب للأنبياء إلا دعوة واحدة، وقد أجيبت لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوات بأسانيد ثابتة كما سلف، ومنها دعاؤه على المشركين بسبع كسبع يوسف، ودعاؤه على صناديد قريش المعاندين له فقتلوا يوم بدر، وغير ذلك مما يكثر إحصاؤه مما أجيب من دعائه، بل لم يبلغنا أنه رد من دعائه إلا سؤاله ألا يجعل (الله تعالى) بأس أمته بينهم خاصة كما سلف; لما سبق في أم الكتاب من كون ذلك، قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [البقرة: 253].
فصل:
قد سلف معنى قوله: "لكل نبي دعوة مستجابة" وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال: يريد أن لكل نبي دعوة عند الله من رفيع الدرجة، وكرامة المنزلة أن جعل له أن يدعوه فيما أحب من الأمور، ويبلغه أمنيته فيدعو في ذلك وهو عالم بالإجابة، على ما ثبت عنه أن جبريل قال: "يا محمد إن أردت أن يحول الله لك جبال تهامة ذهبا فعل"، وخيره الله بين أن يكون نبيا عبدا، ونبيا ملكا، فاختار الآخرة على الدنيا، وليست هذه (الدرجة) لأحد من الناس، وإنما أمرنا بالدعاء راجين الإجابة (غير) قاطعين عليها ليقفوا (بين) الرجاء والخوف.
[ ص: 182 ] فصل:
وفي هذا الحديث nindex.php?page=treesubj&link=29638_28753بيان فضيلة نبينا على سائر الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- حين آثر أمته بما خصه الله به من إجابة الدعوة بالشفاعة له، ولم يجعل ذلك في خاصة نفسه وأهل بيته، فجزاه الله عن أمته أفضل الجزاء، وصلى الله عليه أطيب الصلاة، (فهو) كما وصفه الله nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بالمؤمنين رءوف رحيم [التوبة: 128].