الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1948 - حدثنا ابن أبي داود وفهد ، قالا : ثنا ابن معبد ، قال : ثنا عبيد الله ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن قبيصة الهلالي أو غيره : أن الشمس كسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا يجر ثوبه ، وأنا معه يومئذ بالمدينة ، فصلى ركعتين أطالهما ثم انصرف ، وتجلت الشمس ، فقال : إنما هذه الآيات يخوف الله بها ، فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة .

                                                        فكان أكثر الآثار في هذا الباب هي الموافقة لهذا المذهب الأخير ، فأردنا أن ننظر في معاني الأقوال الأول ، فكان النعمان بن بشير قد أخبر في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين ويسلم ويسأل ، فاحتمل أن يكون النعمان علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود بعد كل ركعة ، وعلمه من وافقه على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ولم يعلم الذين قالوا : ركع ركعتين أو أكثر من ذلك قبل أن يسجد لما كان من طول صلاته ، فتصحيح حديث النعمان هذا مع هذه الآثار هو أن يجعل صلاته كما قال النعمان ؛ لأن ما روى علي وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم يدخل في ذلك ويزيد عليه حديث النعمان ، فهو أولى ، من كل ما خالفهم .

                                                        ثم قد شد ذلك ما حكاه قبيصة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة .

                                                        فأخبرنا إنما يصلي في الكسوف كما يصلي المكتوبة ، ثم رجعنا إلى قول الذين لم يوقتوا في ذلك شيئا لما رووه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث قبيصة : فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة دليلا على أن الصلاة في ذلك مؤقتة معلومة لها وقت معلوم ، وعدد معلوم ، فبطل بذلك ما ذهب إليه المخالفون لهذا الحديث .

                                                        فأما قولهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى تنجلي فقالوا : ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي أن يقطع الصلاة إذا كان ذلك حتى تنجلي .

                                                        فيقال لهم : فقد قال في بعض هذه الأحاديث : فصلوا وادعوا حتى تنكشف .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية