3725 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551أبو بكرة nindex.php?page=showalam&ids=16639وعلي بن معبد ، قالا : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي بن إبراهيم ، قال : ثنا
داود بن يزيد الأودي ، قال : سمعت
عبد الملك بن ميسرة الزراد ، قال : سمعت
النزال بن سبرة يقول : سمعت
سراقة بن مالك بن جعشم يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=697767nindex.php?page=treesubj&link=25522_25649_27981_29393_3492_3680_3740_3745_3755_3757_3955دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة . قال : وقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع .
فقد اختلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في إحرامه في حجة الوداع ما كان ، فقالوا : ما روينا ، وتنازعوا في ذلك على ما قد ذكرنا . وقد أحاط علمنا أنه لم يكن إلا على أحد تلك المنازل الثلاثة : إما متمتع ، وإما مفرد ، وإما قارن . فأولى بنا أن ننظر إلى معاني هذه الآثار ونكشفها ، لنعلم من أين جاء اختلافهم فيها ، ونقف من ذلك على إحرامه صلى الله عليه وسلم ما كان . فاعتبرنا ذلك ، فوجدنا الذين يقولون : إنه أفرد يقولون : كان إحرامه بالحج مفردا ، لم يكن منه قبل ذلك إحرام بغيره .
وقال آخرون : بل قد كان قبل إحرامه بتلك الحجة أحرم بعمرة ، ثم أضاف إليها هذه الحجة ، هكذا يقول الذين قالوا : قرن .
وقد أخبر
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه في حديثه ، وهو أحد الذين قالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بالحجة حين استوت به ناقته على البيداء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : من عند المسجد ، وهو أيضا ممن قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج في أول إحرامه .
فكان بدء إحرامه عليه السلام عند
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وجابر رضي الله عنهم بعد خروجه من المسجد .
وقد بينا عنه فيما تقدم من كتابنا هذا أنه قد كان أحرم في دبر الصلاة في المسجد .
[ ص: 155 ] فيحتمل أن يكون الذين قالوا : إنه قرن ، سمعوا تلبيته في المسجد بالعمرة ، ثم سمعوا بعد ذلك تلبيته الأخرى ، خارجا من المسجد بالحج خاصة .
فعلموا أنه قرن ، وسمعه الذين قالوا : إنه أفرد وقد لبى بالحج خاصة ، ولم يكونوا سمعوا تلبيته قبل ذلك بالعمرة ، فقالوا : أفرد ، وسمعه قوم أيضا وقد لبى في المسجد بالعمرة ، ولم يسمعوا تلبيته بعد خروجه منه بالحج ، ثم رأوه بعد ذلك يفعل ما يفعل الحاج من الوقوف بعرفة وما أشبه ذلك ، وكان ذلك - عندهم - بعد خروجه من العمرة ، فقالوا : تمتع ، فروى كل قوم ما علموا .
وقد دخل جميع ما علمه الذين قالوا : أفرد ، وما علمه الذين قالوا : إنه تمتع فيما علم الذين قالوا : إنه قرن ؛ لأنهم أخبروا عن تلبيته بالعمرة ، ثم عن تلبيته بالحجة بعقب ذلك .
فصار ما ذهبوا إليه من ذلك وما رووا أولى مما ذهب إليه من خالفهم وما رووا ، ثم قد وجدنا بعد ذلك أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه كان قارنا ، وذلك أنه عليه السلام لا يختلف عنه أنه لما قدم
مكة أمر أصحابه أن يحلوا إلا من كان ساق منهم هديا ، وثبت هو على إحرامه ، فلم يحل منه إلا في وقت ما يحل الحاج من حجه . وقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، فمن كان ليس معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة . هكذا حكاه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، وهو ممن يقول : إنه أفرد ، وسنذكر ذلك وما روي فيه في باب فسخ الحج إن شاء الله تعالى ، فلو كان إحرامه ذلك كان بحجة لكان هديه الذي ساقه تطوعا ، فهدي التطوع لا يمنع من الإحلال الذي يحله الرجل إذا لم يكن معه هدي ، ولكان حكمه صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد ساق هديا - كحكم من لم يسق هديا ؛ لأنه لم يخرج على أن يتمتع ، فيكون ذلك الهدي للمتعة ، فتمنعه من الإحلال الذي كان يحله لو لم يسق هديا .
ألا ترى أن رجلا لو خرج يريد التمتع فأحرم بعمرة ، أنه إذا طاف لها ، وسعى ، وحلق ، حل منها ، ولو كان ساق هديا لمتعته لم يحل حتى يوم النحر ، ولو ساق هديا تطوعا حل قبل يوم النحر بعد فراغه من العمرة .
فثبت بذلك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم لما كان قد منعه من الإحلال ، وأوجب ثبوته على الإحرام إلى يوم النحر ، أن حكمه غير حكم هدي التطوع ، فانتفى بذلك قول من قال : إنه كان مفردا .
وقد ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة ، أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شأن الناس حلوا ، ولم تحل أنت من عمرتك ؟
فقال : إني قلدت هديي ولبدت رأسي ، فلا أحل حتى أنحر .
فدل ذلك على ما ذكرنا ، وعلى أن ذلك الهدي كان هديا بسبب عمرة يراد بها قران أو متعة .
[ ص: 156 ] فنظرنا في ذلك ، فإذا
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة رضي الله عنها قد دل حديثها هذا على أن ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بمكة ؛ لأنه كان منه بعد ما حل الناس .
وقد يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبل ذلك أو لم يطف.
فإن كان قد طاف قبل ذلك ، ثم أحرم بالحجة من بعد ، فإنما كان متمتعا ، ولم يكن قارنا ؛ لأنه إنما أحرم بالحجة بعد فراغه من طواف العمرة .
وإن لم يكن طاف قبل ذلك حتى أحرم بالحجة ، فقد كان قارنا ؛ لأنه قد لزمته الحجة قبل طوافه للعمرة .
فلما احتمل ذلك ما ذكرنا ، كان أولى الأشياء بنا أن نحمل هذه الآثار على ما فيه اتفاقها ، لا على ما فيه تضادها .
فكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعمران بن حصين ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله عنهم ، قد روينا عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع ، وروينا عنهم أنه قرن ، وقد ثبت من قوله ما يدل على أنه قدم
مكة ، ولم يكن أحرم بالحج قبل ذلك ، فإن جعلنا إحرامه بالحجة ، كان قبل الطواف للعمرة ، ثبت الحديثان جميعا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان متمتعا إلى أن أحرم بالحجة ، فصار قارنا .
وإن جعلنا إحرامه بالحجة ، كان بعد طوافه للعمرة ، جعلناه متمتعا ، ونفينا أن يكون قارنا ، فجعلناه متمتعا في حال ، وقارنا في حال .
فثبت بذلك أن طوافه للعمرة كان بعد إحرامه بالحجة ، فثبت بذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان في حجة الوداع قارنا .
فقال قائل : ممن كره القران والتمتع لمن استحبهما : اعتللتم علينا بقول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي في إباحة المتعة ، وليس ذلك كذلك ، وإنما تأويل هذه الآية ، ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير .
3725 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15551أَبُو بَكْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16639وَعَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَا : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثَنَا
دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَيْسَرَةَ الزَّرَّادَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ
سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=697767nindex.php?page=treesubj&link=25522_25649_27981_29393_3492_3680_3740_3745_3755_3757_3955دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ : وَقَرَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
فَقَدِ اخْتَلَفُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْرَامِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَا كَانَ ، فَقَالُوا : مَا رَوَيْنَا ، وَتَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا . وَقَدْ أَحَاطَ عِلْمُنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا عَلَى أَحَدِ تِلْكَ الْمَنَازِلِ الثَّلَاثَةِ : إِمَّا مُتَمَتِّعٌ ، وَإِمَّا مُفْرِدٌ ، وَإِمَّا قَارِنٌ . فَأَوْلَى بِنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ وَنَكْشِفَهَا ، لِنَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ جَاءَ اخْتِلَافُهُمْ فِيهَا ، وَنَقِفَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى إِحْرَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ . فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ أَفْرَدَ يَقُولُونَ : كَانَ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا ، لَمْ يَكُنْ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِحْرَامٌ بِغَيْرِهِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قَدْ كَانَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِتِلْكَ الْحَجَّةِ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ أَضَافَ إِلَيْهَا هَذِهِ الْحَجَّةَ ، هَكَذَا يَقُولُ الَّذِينَ قَالُوا : قَرَنَ .
وَقَدْ أَخْبَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ ، وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ أَيْضًا مِمَّنْ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ بِالْحَجِّ فِي أَوَّلِ إِحْرَامِهِ .
فَكَانَ بَدْءُ إِحْرَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ،
وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ .
وَقَدْ بَيَّنَّا عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَحْرَمَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ .
[ ص: 155 ] فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ قَرَنَ ، سَمِعُوا تَلْبِيَتَهُ فِي الْمَسْجِدِ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ سَمِعُوا بَعْدَ ذَلِكَ تَلْبِيَتَهُ الْأُخْرَى ، خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ بِالْحَجِّ خَاصَّةً .
فَعَلِمُوا أَنَّهُ قَرَنَ ، وَسَمِعَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ أَفْرَدَ وَقَدْ لَبَّى بِالْحَجِّ خَاصَّةً ، وَلَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا تَلْبِيَتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْعُمْرَةِ ، فَقَالُوا : أَفْرَدَ ، وَسَمِعَهُ قَوْمٌ أَيْضًا وَقَدْ لَبَّى فِي الْمَسْجِدِ بِالْعُمْرَةِ ، وَلَمْ يَسْمَعُوا تَلْبِيَتَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ بِالْحَجِّ ، ثُمَّ رَأَوْهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ - عِنْدَهُمْ - بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ ، فَقَالُوا : تَمَتَّعَ ، فَرَوَى كُلُّ قَوْمٍ مَا عَلِمُوا .
وَقَدْ دَخَلَ جَمِيعُ مَا عَلِمَهُ الَّذِينَ قَالُوا : أَفْرَدَ ، وَمَا عَلِمَهُ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ تَمَتَّعَ فِيمَا عَلِمَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهُ قَرَنَ ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ تَلْبِيَتِهِ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ عَنْ تَلْبِيَتِهِ بِالْحَجَّةِ بِعَقِبِ ذَلِكَ .
فَصَارَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَمَا رَوَوْا أَوْلَى مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَمَا رَوَوْا ، ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَفْعَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَخْتَلِفُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ
مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ سَاقَ مِنْهُمْ هَدْيًا ، وَثَبَتَ هُوَ عَلَى إِحْرَامِهِ ، فَلَمْ يُحِلَّ مِنْهُ إِلَّا فِي وَقْتِ مَا يُحِلُّ الْحَاجُّ مِنْ حَجِّهِ . وَقَالَ : لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً ، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً . هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَهُوَ مِمَّنْ يَقُولُ : إِنَّهُ أَفْرَدَ ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَلَوْ كَانَ إِحْرَامُهُ ذَلِكَ كَانَ بِحَجَّةٍ لَكَانَ هَدْيُهُ الَّذِي سَاقَهُ تَطَوُّعًا ، فَهَدْيُ التَّطَوُّعِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ الَّذِي يُحِلُّهُ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ، وَلَكَانَ حُكْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيًا - كَحُكْمِ مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَلَى أَنْ يَتَمَتَّعَ ، فَيَكُونَ ذَلِكَ الْهَدْيُ لِلْمُتْعَةِ ، فَتَمْنَعَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ الَّذِي كَانَ يُحِلُّهُ لَوْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا .
أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ خَرَجَ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ، أَنَّهُ إِذَا طَافَ لَهَا ، وَسَعَى ، وَحَلَقَ ، حَلَّ مِنْهَا ، وَلَوْ كَانَ سَاقَ هَدْيًا لِمُتْعَتِهِ لَمْ يُحِلَّ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ ، وَلَوْ سَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا حَلَّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ .
فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ قَدْ مَنَعَهُ مِنَ الْإِحْلَالِ ، وَأَوْجَبَ ثُبُوتَهُ عَلَى الْإِحْرَامِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ ، أَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ حُكْمِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا ، وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ ؟
فَقَالَ : إِنِّي قَلَّدْتُ هَدْيِي وَلَبَّدْتُ رَأْسِي ، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ .
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَعَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْهَدْيَ كَانَ هَدْيًا بِسَبَبِ عُمْرَةٍ يُرَادُ بِهَا قِرَانٌ أَوْ مُتْعَةٌ .
[ ص: 156 ] فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا
nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ دَلَّ حَدِيثُهَا هَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِمَكَّةَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ مَا حَلَّ النَّاسُ .
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ طَافَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَطُفْ.
فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ مِنْ بَعْدُ ، فَإِنَّمَا كَانَ مُتَمَتِّعًا ، وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ ، فَقَدْ كَانَ قَارِنًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَتْهُ الْحَجَّةُ قَبْلَ طَوَافِهِ لِلْعُمْرَةِ .
فَلَمَّا احْتَمَلَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا ، كَانَ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ نَحْمِلَ هَذِهِ الْآثَارَ عَلَى مَا فِيهِ اتِّفَاقُهَا ، لَا عَلَى مَا فِيهِ تَضَادُّهَا .
فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَدْ رَوَيْنَا عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ ، وَرَوَيْنَا عَنْهُمْ أَنَّهُ قَرَنَ ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدِمَ
مَكَّةَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَإِنْ جَعَلْنَا إِحْرَامَهُ بِالْحَجَّةِ ، كَانَ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلْعُمْرَةِ ، ثَبَتَ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مُتَمَتِّعًا إِلَى أَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ ، فَصَارَ قَارِنًا .
وَإِنْ جَعَلْنَا إِحْرَامَهُ بِالْحَجَّةِ ، كَانَ بَعْدَ طَوَافِهِ لِلْعُمْرَةِ ، جَعَلْنَاهُ مُتَمَتِّعًا ، وَنَفَيْنَا أَنْ يَكُونَ قَارِنًا ، فَجَعَلْنَاهُ مُتَمَتِّعًا فِي حَالٍ ، وَقَارِنًا فِي حَالٍ .
فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ طَوَافَهُ لِلْعُمْرَةِ كَانَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجَّةِ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَارِنًا .
فَقَالَ قَائِلٌ : مِمَّنْ كَرِهَ الْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ لِمَنِ اسْتَحَبَّهُمَا : اعْتَلَلْتُمْ عَلَيْنَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فِي إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ ، مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16414عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ .