[ ص: 175 ] 3820 - وقد احتج في ذلك المخالفون لهذا القول بما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا ، قال : ثنا حجاج ، عن أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد عبد الله بن الحارث ، عن أبيه ، قال : عثمان رضي الله عنهما حتى إذا كنا بمكان كذا وكذا ، قرب إليهم طعام ، قال : فرأيت جفنة كأني أنظر إلى عراقيب اليعاقيب ، فلما رأى ذلك وعلي علي رضي الله عنه قام ، فقام معه ناس ، قال : فقيل : والله ما أشرنا ، ولا أمرنا ، ولا صدنا .
فقيل لعثمان رضي الله عنه : ما قام هذا ومن معه إلا كراهية لطعامك .
فدعاه ، فقال : ما كرهت من هذا ؟ فقال : علي رضي الله عنه : أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ثم انطلق . كنا مع
قال : فذهب علي رضي الله عنه إلى أن الصيد ولحمه حرام على المحرم .
قيل لهم : فقد خالفه في ذلك رضي الله عنه عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنها ، وعائشة وأبو هريرة رضي الله عنه ، وقد تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوافق ما ذهبوا إليه ، وقول الله عز وجل : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما يحتمل ما حرم عليهم منه ، هو أن يصيدوه .
ألا ترى إلى قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ، فنهاهم الله تعالى في هذه الآية عن قتل الصيد ، وأوجب عليهم الجزاء في قتلهم إياه .
فدل ما ذكرنا أن الذي حرم على المحرمين من الصيد هو قتله .
وقد رأينا النظر أيضا يدل على هذا ، وذلك أنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم ، ويحرمه الحرم على الحلال .
وكان من صاد صيدا في الحل ، فذبحه في الحل ، ثم أدخله الحرم ، فلا بأس بأكله إياه في الحرم ، ولم يكن إدخاله لحم الصيد الحرم كإدخاله الصيد نفسه وهو حي الحرم ؛ لأنه لو كان كذلك لنهى عن إدخاله ، ولصنع من أكله إياه فيه كما يمنع من الصيد في ذلك كله ، ولكان إذا أكله في الحرم وجب عليه ما وجب في قتل الصيد .
فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذي صيد في الحل ، كما يمنع من الصيد الحي ، كان النظر على ذلك [ ص: 176 ] أن يكون كذلك الإحرام أيضا ، يحرم على المحرم الصيد الحي ، ولا يحرم عليه لحمه إذا تولى الحلال ذبحه ، قياسا ونظرا على ما ذكرنا من حكم المحرم ، فهذا هو النظر في هذا الباب ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى . ومحمد