الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        605 - حدثنا فهد قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا شريك ، عن سماك ، عن قابوس ، عن أم الفضل قالت : لما ولد الحسين ، قلت : يا رسول الله ، أعطنيه ، أو ادفعه إلي فلأكفله أو أرضعه بلبني ففعل . فأتيته به فوضعه على صدره فبال عليه فأصاب إزاره ، فقلت له : يا رسول الله ، أعطني إزارك أغسله . قال : إنما يصب على بول الغلام ، ويغسل بول الجارية . قال أبو جعفر : فهذه أم الفضل في حديثها هذا ، إنما يصب على بول الغلام .

                                                        وفي حديثها الذي ذكرناه في الفصل الأول ، إنما ينضح من بول الغلام . فلما كان ما ذكرناه كذلك ، ثبت أن النضح الذي أراد به في الحديث الأول ، هو الصب المذكور هاهنا ، حتى لا يتضاد الأثران . وهذا أبو ليلى فلم يختلف عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صب على البول الماء . فثبت بهذه الآثار أن حكم بول الغلام هو الغسل ، إلا أن ذلك الغسل يجزئ منه الصب ، وأن حكم بول الجارية هو الغسل أيضا . وفرق في اللفظ بينهما وإن كانا مستويين في المعنى ، للعلة التي ذكرنا ، من ضيق المخرج وسعته .

                                                        فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار .

                                                        وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا رأينا الغلام والجارية ، حكم أبوالهما سواء ، بعدما يأكلان الطعام . فالنظر على ذلك أن يكون أيضا سواء قبل أن يأكلا الطعام ، فإذا كان بول الجارية نجسا فبول الغلام أيضا نجس . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية