[ ص: 96 ] 611 - حدثنا ، قال : ثنا ربيع المؤذن قال : ثنا أسد قال : ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن داود بن أبي هند عامر ، عن ، عن علقمة رضي الله عنه ابن مسعود ( هل كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن أحد ؟ ) فقال : لم يصحبه منا أحد ، ولكن فقدناه ذات ليلة ، فقلنا : استطير أو اغتيل فتفرقنا في الشعاب والأودية نلتمسه ، وبتنا بشر ليلة بات بها قوم نقول : استطير أم اغتيل . فقال : إنه أتاني داعي الجن ، فذهبت أقرئهم القرآن ، فأرانا آثارهم . فهذا عبد الله قد أنكر أن يكون كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن .
فهذا الباب إن كان يؤخذ من طريق صحة الإسناد ، فهذا الحديث الذي فيه الإنكار أولى ، لاستقامة طريقه ومتنه ، وثبت رواته .
وإن كان من طريق النظر ، فإنا قد رأينا الأصل المتفق عليه ، أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب ، ولا بالخل ، فكان النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضا كذلك .
وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في حال وجود الماء ، أنه لا يتوضأ به ؛ لأنه ليس بماء . فلما كان خارجا من حكم المياه في حال وجود الماء ، كان كذلك هو في حال عدم الماء . وحديث الذي فيه التوضي بنبيذ التمر إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ به ، وهو غير مسافر ؛ لأنه إنما خرج من ابن مسعود مكة يريدهم ، فقيل إنه توضأ بنبيذ التمر في ذلك المكان ، وهو في حكم من هو بمكة ، لأنه يتم الصلاة ، فهو أيضا في حكم استعماله ذلك النبيذ هنالك في حكم استعماله إياه بمكة .
فلو ثبت هذا الأثر أن النبيذ مما يجوز التوضي به في الأمصار والبوادي ، ثبت أنه يجوز التوضي به في حال وجود الماء وفي حال عدمه . فلما أجمعوا على ترك ذلك والعمل بصده ، فلم يجيزوا التوضي به في الأمصار ، ولا فيما حكمه حكم الأمصار ، ثبت بذلك تركهم لذلك الحديث ، وخرج حكم ذلك النبيذ من حكم سائر المياه . فثبت بذلك أنه لا يجوز التوضي به في حال من الأحوال ، وهو قول ، وهو النظر عندنا ، والله أعلم . أبي يوسف