الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
153 . nindex.php?page=treesubj&link=29113_21505تدليس الإسناد كمن يسقط من حدثه ، ويرتقي بـ (عن) و (أن) 154 . وقال : يوهم اتصالا ، واختلف في أهله ، فالرد مطلقا ثقف 155 . والأكثرون قبلوا ما صرحا ثقاتهم بوصله وصححا 156 . وفي الصحيح عدة ( nindex.php?page=showalam&ids=13726كالأعمش ) و (كهشيم) بعده وفتش
التدليس على ثلاثة أقسام ، ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح منها قسمين فقط :
القسم الأول : nindex.php?page=treesubj&link=29113_21505تدليس الإسناد : وهو أن يسقط اسم شيخه الذي سمع منه ، ويرتقي إلى شيخ شيخه ، أو من فوقه ، فيسند ذلك إليه بلفظ لا يقتضي الاتصال ، بل بلفظ موهم ، كقوله : عن فلان ، أو أن فلانا ، أو قال فلان ، موهما بذلك أنه [ ص: 235 ] سمع ممن رواه عنه ، وإنما يكون تدليسا إذا كان المدلس قد عاصر المروي عنه أو لقيه ولم يسمع منه ، أو سمع منه ولم يسمع منه ذلك الحديث الذي دلسه عنه . وقد فهم هذا الشرط من قوله : (يوهم اتصالا) . وإنما يقع الإيهام مع المعاصرة وقد حده أبو الحسن ابن القطان في كتابه " بيان الوهم والإيهام " : بأن يروي عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه ، من غير أن يذكر أنه سمعه منه ، قال : والفرق بينه وبين الإرسال : هو أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه ، وقد سبق nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن القطان إلى حده بذلك الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، ذكر ذلك في جزء له في معرفة من يترك حديثه ، أو يقبل . أما إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم فإن ذلك ليس بتدليس على الصحيح المشهور . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد عن قوم : أنه [ ص: 236 ] تدليس ، فجعلوا التدليس أن يحدث الرجل عن الرجل بما لم يسمعه منه بلفظ لا يقتضي تصريحا بالسماع ، وإلا لكان كذبا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وعلى هذا فما سلم من التدليس أحد لا مالك ولا غيره .
فقوله : في البيت الثاني : ( وقال ) ، معطوف على قوله : ( بـ : عن وأن ) ، أي : بهذه الألفاظ الثلاثة ونحوها ، ومثله أن يسقط أداة الرواية ، ويسمي الشيخ فقط فيقول : فلان ، وهذا يفعله أهل الحديث كثيرا . قال nindex.php?page=showalam&ids=16616علي بن خشرم : كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، فقال : nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، فقيل له : حدثكم nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ؟ فسكت . ثم قال : nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، فقيل له : سمعته من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ؟ فقال : لا لم أسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ولا ممن سمعه من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري . وقد مثل nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح للقسم الأول بهذا المثال . ثم حكى الخلاف فيمن عرف بهذا ، هل يرد حديثه مطلقا ، أو ما لم يصرح فيه بالاتصال ؟ ! واعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر قد حكى عن أئمة الحديث أنهم قالوا : يقبل تدليس nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ; لأنه إذا وقف أحال على nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر ونظائرهما . وهذا ما رجحه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وقال : وهذا شيء ليس في الدنيا إلا nindex.php?page=showalam&ids=16008لسفيان بن عيينة ، فإنه كان يدلس ، ولا يدلس إلا عن ثقة متقن ، ولا يكاد يوجد nindex.php?page=showalam&ids=16008لابن عيينة خبر دلس فيه ، إلا [ ص: 237 ] وقد بين سماعه عن ثقة مثل ثقته ، ثم مثل ذلك بمراسيل كبار الصحابة ، فإنهم لا يرسلون إلا عن صحابي . وقد سبق nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر إلى ذلك الحافظان : أبو بكر البزار ، وأبو الفتح الأزدي .
فقال البزار في الجزء المذكور : إن nindex.php?page=treesubj&link=29113_28423من كان يدلس عن الثقات كان تدليسه عند أهل العلم مقبولا . ثم قال : فمن كانت هذه صفته وجب أن يكون حديثه مقبولا وإن كان مدلسا . وهكذا رأيته في كلام أبي بكر الصيرفي من الشافعية في كتاب الدلائل فقال : كل من ظهر تدليسه عن غير الثقات لم يقبل خبره حتى يقول : حدثني ، أو سمعت . انتهى . وقوله : (واختلف في أهله) أي : في أهل هذا القسم من التدليس ، وهم المعروفون به . فقيل : يرد حديثهم مطلقا ، سواء بينوا السماع ، أو لم يبينوا ، وأن التدليس نفسه جرح ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح عن فريق من أهل الحديث [ ص: 238 ] والفقهاء ، وهو المراد بقوله : ( فالرد مطلقا ثقف ) أي : وجد عن بعضهم . والصحيح كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، التفصيل . فإن صرح بالاتصال كقوله : سمعت ، وحدثنا ، وأخبرنا ، فهو مقبول محتج به . وإن أتى بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل . وإلى هذا ذهب الأكثرون كما حكيته عنهم . ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ذلك عن الأكثرين . وهذا من الزيادة عليه التي لم تميز بـ : قلت . وممن حكاه عن جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول شيخنا أبو سعيد العلائي في كتاب " المراسيل " ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي بن المديني ، nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين ، وغيرهم .
[ ص: 239 ] وقد وجدت في كلام بعضهم : أن المدلس إذا لم يصرح بالتحديث ، لم يقبل اتفاقا . وقد حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في “ المدخل “ عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وسائر أهل العلم بالحديث . وحكاية الاتفاق هنا غلط أو هو محمول على اتفاق من لا يحتج بالمرسل . أما الذين يحتجون بالمرسل فيحتجون به كما اقتضاه كلام nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح على أن بعض من يحتج بالمرسل لا يقبل عنعنة المدلس . فقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في “ الكفاية “ : أن جمهور من يحتج بالمرسل يقبل خبر المدلس .
وقوله : ( وفي الصحيح . . . ) إلى آخره ، أي : وفي الصحيحين وغيرهما من الكتب الصحيحة عدة رواة من المدلسين ، nindex.php?page=showalam&ids=13726كالأعمش ، nindex.php?page=showalam&ids=17249وهشيم بن بشير ، وغيرهما .
وقوله : ( وفتش ) أي : وفتش ، في الصحيح تجد جماعة منهم ، كقتادة والسفيانين ، nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق ، nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم ، وغيرهم . وقال النووي : إن ما في الصحيحين وغيرهما من الكتب الصحيحة عن المدلسين بـ : عن ، محمول على ثبوت سماعه من جهة أخرى . وقال الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبي في كتاب " القدح المعلى " : قال أكثر العلماء : إن التي في الصحيحين منزلة بمنزلة السماع .