[ ص: 118 ] ذكر الخبر الدال على أن
المتصدقين في الدنيا هم الأفضلون في العقبى
3326 - أخبرنا قال : حدثنا عبد الله بن محمد الأزدي قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، جرير ، قالا : حدثنا وعيسى بن يونس عن الأعمش ، قال : أشهد بالله لسمعت زيد بن وهب أبا ذر بالربذة ، يقول : بحرة المدينة ممسيا ، فاستقبلنا أحد ، فقال : يا ما أحب أن لي أبا ذر أحدا ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا - يعني من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ثم قال : يا إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، ثم قال لي : لا تبرح حتى آتيك ، فانطلق ، ثم جاء في سواد الليل ، فسمعت صوتا ، فخشيت أن يكون ضرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهممت أن أنطلق ، ثم ذكرت قوله ، فجلست حتى جاء ، فقلت له : إني أردت أن آتيك يا رسول الله ، ثم ذكرت قولك لي ، وسمعت صوتا ، قال : ذاك أبا ذر جبريل جاءني ، فأخبرني أن من مات [ ص: 119 ] من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فقلت : وإن زنى ، وإن سرق ، فقال : وإن زنى ، وإن سرق كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال جرير : قال عن الأعمش عن أبي صالح ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مثل ذلك . أبي الدرداء
قال رضي الله عنه : أضمر في هذا الخبر شرطان : أحدهما أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة إن تفضل الله جل وعلا عليه بالعفو عن جناياته التي له في دار الدنيا ، لأن المرء لا يخلو من ارتكاب بعض ما حظر عليه في الدنيا ، أضمر في الخبر هذا الشرط. أبو حاتم
والشرط الثاني : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، يريد بعد تعذيبه إياه في النار - نعوذ بالله منها - إن لم يتفضل عليه [ ص: 120 ] بالعفو قبل ذلك ، لئلا يبقى في النار مع من أشرك به في الدنيا.
فهذان الشرطان مضمران في هذا الخبر ، لا أن كل من مات ولا يشرك بالله شيئا دخل الجنة لا محالة .