الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4941 [ 2675 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=661949قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما قضى الله الخلق كتب في كتاب على نفسه - فهو موضوع عنده - : nindex.php?page=treesubj&link=31749_32491إن رحمتي تغلب غضبي .
[ ص: 82 ] و (قوله : " لما قضى الله الخلق : كتب في كتاب عنده ، على نفسه ") أي : لما أظهر قضاءه ، وأبرز أمره لمن شاء ، أظهر كتابا في اللوح المحفوظ ، أو فيما شاءه ، فقضاه خبر حق ، ووعد صدق : " nindex.php?page=treesubj&link=31749_32491إن رحمتي تغلب غضبي " أي : تسبقه وتزيد عليه . وقد تقدم القول في nindex.php?page=treesubj&link=29710_29697غضب الله ورضاه ، وأن ذينك يرجعان إلى إرادته ، وإلى متعلقها من إيصال المنافع والألطاف إلى المرحوم ، أو إيصال المضار والانتقام للمغضوب عليه ، فيرجع غضبه إذا ورحمته إلى الأفعال ، وهو المراد بهذا الحديث . وإذا ظهر هذا فمعنى غلبة الرحمة ، أو سبقها على ما جاء في الرواية الأخرى : أن رفقه بالخلق وإنعامه عليهم ، ولطفه بهم ، أكثر من انتقامه وأخذه ، كيف لا ، وابتداؤه الخلق وتكميله وإتقانه ، وترتيبه ، وخلق أول نوع الإنسان في الجنة ، كل ذلك رحمته السابقة ، وكذلك ما رتب على ذلك من النعم والألطاف في الدنيا والآخرة ، وكل ذلك رحمات متلاحقات ، ولو بدأ بالانتقام لما كمل لهذا العالم نظام . ثم العجب أن الانتقام به كملت الرحمة والإنعام ، وذلك أن بانتقامه من الكافرين كملت رحمته على المؤمنين ، وبذلك حصل صلاحهم وإصلاحهم ، وتم لهم دينهم وفلاحهم ، وظهر لهم قدر نعمة الله عليهم في صرف ذلك الانتقام عنهم ، فقد ظهر أن رحمته سبقت غضبه ، وإنعامه غلب انتقامه .