[ ص: 88 ] الموطن السادس يقع الخبر الموجب به موقع الأمر وبالعكس فمن الأول قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن } أي ليرضعن ، ولا يصح أن يكون خبرا ; لأن الرضاع في الواقع قد يكون أقل أو أكثر منه ، ومنه قوله : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله } ثم قال : { يغفر لكم } والمعنى : آمنوا بالله ورسوله يغفر لكم ، هكذا جعل النحاة يغفر جوابا ل { تؤمنون } ; لوقوعه موقع آمنوا ، ولا يصح أن يكون جوابا ل { هل أدلكم } على حد قوله : هل تأتيني أكرمك ; لأن المغفرة لا تجب بالدلالة ، وإنما تجب بالإيمان ، وقوله { لا يمسه إلا المطهرون } وقيل : إنه نهي مجزوم ، ولكن ضمت السين إتباعا للضمير ، كقوله صلى الله عليه وسلم ومن الثاني قوله تعالى : { فليمدد له الرحمن مدا } المعنى : مد . وقولهم في التعجب : أحسن بزيد ، كقوله : { أسمع بهم وأبصر } أي ما أسمعهم وأبصرهم ، وقوله : { لا يمسه إلا المطهرون } قيل : إنه خبر منفي واقع موقع النهي ، هذا هو المشهور .
ومنع القاضي أبو بكر والسهيلي ، وقال : هو باق على خبريته ، ولا يلزم الخلف بالنسبة إلى العصاة ، فإنه خبر عن حكم الشرع أي أن حكمهن أن يجب أو يشرع رضاعهن أو عليهن الرضاعة والمشهور الأول ، بل قيل : إنه أبلغ من الأمر المحض . إذا علمت هذا ، وورد الخبر مرادا به الأمر ، فهل يترتب عليه ما يترتب على الأمر من الوجوب إذا قلنا : الأمر للوجوب ؟ أو يكون مخصوصا بالصيغة [ ص: 89 ] المعينة التي هي صيغة افعل ؟ قال ورود الخبر مرادا به الأمر ابن دقيق العيد في شرح العنوان " : فيه نظر . قلت : المنقول عندنا هو الأول ، كذا رأيت التصريح به في كتاب وقد سبقت المسألة في باب الأمر . القفال الشاشي