[ ص: 108 ] السابعة : إذا أخبر واحد بحضرة خلق كثير ، لا يجوز عليهم التواطؤ على الكذب ، ولم يكذبوه وعلم أنه لو كان كذبا لعلموه ، ولا حامل لهم على سكوتهم  ، كالخوف والطمع ، يدل على صدقه قطعا . قاله  القاضي أبو الطيب  ، وسليم  ،  والشيخ أبو إسحاق  ،  والأستاذ أبو منصور  ، وإمام الحرمين  ، وابن القشيري  ، والغزالي  ، وابن الصباغ  ، واختاره  ابن الحاجب    . قال الأستاذ : وبهذا النوع أثبتنا كثيرا من معجزات الرسول . قال ابن الصباغ    : لكن العلم بذلك نظري ، بخلاف المتواتر ، فإنه ضروري ، وقيل : ليس صدقه قطعيا ، واختاره الإمام الرازي  والآمدي    ; لجواز أن يكون لهم اطلاع على كذبه أو صدقه ، أو اطلع بعضهم دون بعض ، والعادة لا تحيل سكوت هذا البعض ، وبتقدير اطلاع الكل يحتمل أن مانعا منعهم من التصرف بتكذيبه ، ومع هذه الاحتمالات يمتنع القطع بتصديقه . وهذه الاحتمالات ضعيفة ; لأن المسألة مفروضة عند انتفائها كما نبه عليه  ابن الحاجب  وغيره ، فحينئذ سكوتهم بمثابة قولهم : صدقت . 
وفصل القاضي  في التقريب " وابن القشيري  فقالا : إن أخبر بأمر ضروري دل على الصدق ، وإن أخبر بأمر نظري ، فسكتوا لم يكن سكوتهم بمثابة تصريحهم بالحكم ; لأن المحل محل الاجتهاد . وفصل ابن السمعاني  بين أن يتمادى على ذلك الزمن الطويل ، ولا يظهر منهم منكر ، فيدل على الصدق ، وإلا فلا . قال : وألحق به بعضهم أن يكون الخبر مضافا إلى حال قد شاهدها كثير من الناس ، ثم يرويه واحد  [ ص: 109 ] واثنان ، ويسمع برواياته سائر من شهد الحال ، فلا يكره ، فيدل ترك إنكارهم له على صدقه ; لأنه ليس في جاري العادة إمساكهم جميعا عن رد الكذب ، وترك الإنكار ، وقال : وعلى هذا وردت أكثر سير النبي عليه السلام ، وأكثر أحواله في مغازيه . قال : وهذا وجه حسن جدا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					