الثانية عشرة : ينقسم التواتر باعتبارات . أحدها : إلى ما يتواتر عند الكافة ، وإلى ما يتواتر عند أهل الصناعة  ، كمسألة عدم قتل المسلم بالذمي ، فإنها متواترة عند الشافعية دون الحنفية ، والأول منكره معاند كافر كمنكر القرآن ، بخلاف السنة . إذ جاز أن يختص بذلك أهل الحديث دون غيرهم . فإن قيل : فما قولك في البسملة إذا ادعيتم التواتر بكونها من الفاتحة ، وخالفكم فيه الأئمة ؟ قلنا : لم يقع النزاع في كونها آية من كتاب الله ; ليكون جاحدها كافرا ، وإنما وقع النزاع في تعدد الموضع واتحاده بعد الاتفاق على تواتر أصلها من القرآن ، قاله أبو العز المقترح    : وهو أحسن من جواب  ابن الحاجب  بقوة الشبهة . ثانيها : التواتر قد يكون لفظيا وقد يكون معنويا  ، وهو أن يجتمع من سبق ذكرهم على أخبار ترجع إلى خبر واحد ، كشجاعة  علي  رضي الله عنه ، وجود حاتم . 
قالوا : ومعجزات النبي تثبت بهذا النوع ، وهو دون التواتر اللفظي ; لأجل الاختلاف في طريق النقل . قال أبو نصر بن الصباغ  في كتاب الطريق السالم " : ولا يجوز أن يكون جميع المنقول بالتواتر المعنوي متقولا ، ألا ترى أن من قال : إن الآحاد  [ ص: 117 ] كلها المروية عنه عليه السلام غير صحيحة ، حكمت العقول بكذبه ، ونطقت أنه لا يجوز أن يتفق بهذه الأخبار كلها متقولة ، وإن جاز أن يكون فيها شيء من ذلك . وقال  الشيخ أبو إسحاق    : ولا يكاد يقع الاحتجاج به إلا في شيء من الأصول ومسائل قليلة في الفروع ، كغسل الرجلين مع الروافض  ، والمسح على الخفين مع الخوارج  ، ونازع بعضهم في التمثيل بشجاعة علي ; لأن أفعاله في الجمل وصفين  بأن نقله عدد التواتر عند المحققين المحصلين ، فشجاعته متواترة لفظا ومعنى . 
				
						
						
