أما الشيخ نفسه إذا لم يتذكر ، هل له أن يتبع روايته ويرويه ؟  كما يقول  سهيل    : حدثني ربيعة  عني . قال إلكيا الطبري  في كتاب " نقض مفردات  أحمد    " : هذا موضع نظر ، يحتمل أن يقال : تتبع روايته تشوفا إلى العمل بالحديث ، ويحتمل خلافه ، وحكى بعض شراح " اللمع " من أهل اليمن  أن صاحب " الأمثال " حكى عن بعض أصحابنا أنه يجوز لكل أحد أن يرويه إلا الذي نسيه ، فإنه يسقط في حقه ، ولا يجوز أن يروي عن الراوي عنه ; لأنه فرع له وتابع له ، فلا يجوز أن يعود الفرع أصلا ، والتابع متبوعا في شيء واحد . قال : وهذا غير صحيح ، والمذهب الأول . وقال  الشيخ أبو إسحاق  في " الملخص " : صنف  الدارقطني  جزءا فيمن روى عمن روى عنه ، يعني بعد نسيانه . قلت    : وكذلك  الخطيب البغدادي   [ ص: 227 ] وذكر ما أهمله  الدارقطني  ، أما عمله به ، فحكى القاضي  في " التقريب " عن  الشافعي  أنهم اعتلوا بأن الراوي إذا نسي الخبر حرم العمل عليه بموجبه ، فكذلك يحرم على غيره . قال الباجي    : يقال لهم : من سلم لكم هذا ؟ بل يجب عليه العمل به ، إذا أخبره العدل أنه كان قد رواه . الثالث : محل الخلاف في إنكار لفظ الحديث بالجملة ، فأما في اللفظة الزائدة فيه إذا قال راويه : لا أحفظ هذه اللفظة ، أو لم أحدثك بها  ، فلا خلاف في وجوب العمل به ، ذكره القاضي  في " التقريب " ، وجعله أصلا مقيسا عليه أصل الحديث ، وقال : لا نعلم أحدا قال : إنه يقدح في الحديث . قال : وكذا نسيان الإعراب . وكلام  ابن فورك  يقتضي تخصيص الخلاف بالواحد . فأما الجماعة الكثيرة إذا نسبوا ذلك كان قادحا قطعا ; لاستحالة ذلك في حقهم بخلاف الواحد . 
الرابع : محل الخلاف أيضا فيما إذا لم يجزم الأصل به ، وجزم به الفرع . فإن كان الفرع غير جازم بأن كان شاكا فيه " غير ظان له ، لم تقبل روايته ، وإن حذفه الشيخ لفقد شرط الرواية ; لأن شرطها الجزم بها أو الظن ، فإن كان ظانا ، والأصل شاك فيه . قال الهندي    : فالأشبه أنه من صور الخلاف . وإن كان الأصل ظانا عدم الرواية عنه . قال : فالأشبه أنه من جملة صور الاتفاق على عدم القبول . قال : والضابط فيه أنه مهما كان قول الأصل معادلا لقول الفرع ، فإنه من جملة صور الاتفاق ، ومهما كان الفرع راجحا على قول الأصل ، فإنه من جملة صور الخلاف . وقال الإمام فخر الدين    : ويتجه أن يكون الخبر في كل هذه الأقسام مقبولا ; لأن الفرع لم يوجد في مقابلته من يعارضه ، فلا يسقط به الاستدلال .  [ ص: 228 ] الخامس : أن الخلاف بالنسبة إلى الرواية ، أما الشهادة فمحل وفاق . فإذا أنكر شاهد الأصل الشهادة  بطلت شهادة هذا الفرع . قال ابن برهان    : وهاهنا مسألة يخالف فيها المذهبان أصولهم ، وهي ما لو ادعى رجل على القاضي أنك قضيت لي أو سجلت في الواقعة الفلانية ، فأنكر القاضي دعواه ، وقال : ما قضيت ، وما سجلت ، وما عندي خبر بما تدعيه  ، فإن المدعي لو أقام شاهدين ، وشهدا بموجب دعواه ، لا تثبت هذه الدعوى بشهادتهما ، وقياس مذهبنا أنها تثبت ; لأن القاضي كالأصل بالنسبة إلى الشهود ، وقصارى ما يصدر هاهنا إنكار الأصل ، وإنكار الأصل عندما لا يمنع من العمل بقول الفرع في مذهبنا في هذه المسألة الخلافية ، وأما الحنفية فقالوا : تقبل شهادتهما على القضاء والإسجال ، ومقتضى مذهبهم أن لا تقبل ; لأن الأصل - أعني القاضي - أنكر وعندهم إنكار الأصل يسقط الفرع . 
				
						
						
