مسألة [ ] ولا يضر عمل الراوي بخلافه ، خلافا لجمهور الحنفية ، وبعض المالكية ، حيث قدموا رأيه على روايته ، ولذلك لم يوجبوا التسبيع بخبر رد الحديث بعمل الراوي بخلافه في ولوغ الكلب ، لمخالفته إياه . وقد قال أبي هريرة عبد الجبار وأبو الحسين : إن لم يكن لمذهبه وتأويله وجه إلا أنه علم بالضرورة أنه عليه السلام أراد ذلك الذي ذهب إليه من ذلك الخبر [ ص: 256 ] وجب المصير إليه . وإن لم يعلم ذلك ، بل جوزنا أن يكون قد صار إليه لنص أو قياس وجب النظر في ذلك ، فإن اقتضى ما ذهب إليه وجب المصير إليه ، وإن لم يقتض ذلك ولم نطلع على مأخذه وجب المصير إلى ظاهر الخبر ; لأن الحجة إنما هي في كلام الرسول ، لا في مذهب الراوي ، وظاهر الحديث يدل على معنى غير ما ذهب إليه الراوي ، فوجب المصير إليه وعدم الالتفات إلى مذهب الراوي . وقال الغزالي في " المنخول " : إن أمكن حمل مذهبه على تقدمه على الرواية أو على نسيانه فعل ذلك جمعا بين قبول الحديث وإحسان الظن ، وإن نقل مقيدا أنه خالف الحديث مع علمه به ، فالحديث متروك . ولو نقل مذهبه مطلقا ، فلا يترك لاحتمال النسيان . نعم ، يرجح عليه حديث يوافقه مذهب الراوي . وقال إمام الحرمين : إذا روى خبرا يقتضي رفع الحرج ، ثم رأيناه متحرجا ، فالاستمساك بروايته وعمله محمول على الورع والتعلق بالأفضل ، وقال الصيرفي : كل ، لم يكن ذلك مقيدا لخبره لإمكان تأويله ، أو خبر يعارضه ، أو معنى بفارق عنده . فمتى لم ينكشف لنا شيء من ذلك أمضينا الخبر حتى نعلم خلافه . من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثم خالفه