[ ص: 309 ] فصل [ ألفاظ غير الصحابي ] وأما الثاني : وهو فللراوي حالات بعضها أقوى من بعض . [ السماع من لفظ الشيخ ] أولها : ألفاظ غير الصحابي ، وهو النهاية في التحمل ; لأنه طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه الذي كان يحدث أصحابه كما نقلوه عنه ، وهو أبعد من الخطأ والسهو . وروي عن أن يسمع من لفظ الشيخ أن قراءتك على المحدث أقوى من قراءة المحدث عليك . قال : وإنما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ; لأنه مأمون من السهو ; ولأنه كان يذكر ما يذكره حفظا ولا يكتب ، وإنما كلامنا فيمن يخبر عن كتابه لا عن حفظه ، حتى إذا كان يروي عن كتاب فالجانبان سواء [ ص: 310 ] في نفس التحديث بما في الكتاب ، ذكره أبي حنيفة شمس الأئمة . وعلله غيره بأن عناية الطلب أشد عادة ; لأنه إذا قرأ التلميذ كانت المحافظة من الطرفين ، وإذا قرأ الأستاذ لا تكون المحافظة إلا منه . قال ابن القشيري : ولا فرق بين أن يقرأ من ظهر قلبه أو من كتاب .
قال الماوردي والروياني : ويصح تحمله عنه سواء كان عن قصد أو استرعاء أو اتفاق أو مذاكرة ، بخلاف الشهادة . ، ولا يصح السماع إن كان المتحمل أصم ، ويصح إن كان أعمى . قالا : فإن حدث عن حفظه صح السماع إذا وثق به ، وإن حدث من كتابه ، فإن كان أعمى لم تصح روايته ; لأن الكتب قد تشتبه عليه ، وإن كان بصيرا صح أن يروى عنه كتابه بشرطين : كونه واثقا به ، وذاكرا لوقت سماعه ، ومنع ويجوز أن يكون المحدث أعمى أو أصم أن يروي إلا من حفظه كالشاهد ، ولو صح ذلك لبطلت فائدة الكتاب . قال : فقد صارت الرواية في عصرنا من الكتاب أثبت عند أصحاب الحديث من الحفظ . انتهى . أبو حنيفة
، هذا إن قصد الشيخ إسماعه ، إما خاصة ، أو مع جمع ، فإن لم يقصد ذلك فليس له أن يقول إلا سمعته يحدث فلانا ، وإنما جازت هذه الألفاظ لمطابقتها لما في معنى الأمر . وللمحدثين فيه أدب ، يقولون لما سمعه مع غيره : حدثنا ، وأخبرنا ، وما سمعه وحده أخبرني وحدثني . قال وللسامع أن يقول : أسمعني ، وأخبرني ، وحدثني ، وأسمعنا ، وأخبرنا ، وحدثنا ابن دقيق العيد : وهذا أدب لا ينتهي [ ص: 311 ] إلى الوجوب . ا هـ . وحكى في " الذريعة " وصاحب " المصادر " عن بعضهم منع لفظ الجمع إذا كان وحده ، قالا : والصحيح الجواز ; لأنه يأتي به على سبيل التفخيم . الشريف المرتضى