[ ] وأما المذاهب في خلاف المبتدع غير الكافر . أحدها : اعتبار قوله ، لكونه من أهل الحل والعقد ، وإخباره عن نفسه [ ص: 419 ] مقبول إذا كان يعتقد تحريم الكذب ، وقال إذا اعتقد ما لا يقتضي التكفير ، بل التبديع والتضليل ، فاختلفوا على مذاهب الهندي : إنه الصحيح ، وكلام ابن السمعاني كما سنذكره يقتضي أنه مذهب ; لنصه على قبول شهادة أهل الهوى . والثاني : أنه لا يعتبر . قال الشافعي : قال الأستاذ أبو منصور أهل السنة : لا يعتبر في الإجماع وفاق القدرية ، والخوارج ، والرافضة ، ولا اعتبار بخلاف هؤلاء المبتدعة في الفقه ، وإن اعتبر في الكلام ، هكذا روى أشهب عن ، ورواه مالك عن العباس بن الوليد الأوزاعي وأبو سليمان الجوزجاني عن ، وذكر محمد بن الحسن في منثوراته أن ذلك قول أئمة أهل الحديث . ا هـ . وقال أبو ثور : أبو بكر الصيرفي الخوارج في الإجماع ؟ فيه قولان . قال : ولا يخرج عن الإجماع من كان من أهل العلم ، وإن اختلفت بهم الأهواء كمن قال بالقدر من حملة الآثار ، ومن رأى الإرجاء ، وغير ذلك من اختلاف آراء أهل هل يقدح خلاف الكوفة والبصرة إذا كان من أهل الفقه . فإذا قيل : قالت الخطابية والرافضة كذا ، لم يلتفت إلى هؤلاء في الفقه ; لأنهم ليسوا من أهله ، وقال ابن القطان : الإجماع عندنا إجماع أهل العلم ، فأما من كان من أهل الأهواء ، فلا مدخل له فيه . قال : قال أصحابنا في الخوارج لا مدخل لهم في الإجماع والاختلاف ; لأنهم ليس لهم أصل ينقلون عنه ; لأنهم يكفرون سلفنا الذين أخذنا عنهم أصل الدين . انتهى . [ ص: 420 ]
وممن اختار أنه لا يعتد به من الحنفية ، ومن الحنابلة أبو بكر الرازي واستقرأه من كلام القاضي أبو يعلى لقوله : لا يشهد رجل عندي ليس هو عندي بعدل ، وكيف أجوز حكمه قال القاضي : يعني الجهمي . والثالث : أن أحمد ، أي أنه يجوز له مخالفة من عداه إلى ما أداه إليه اجتهاده ، ولا يجوز لأحد أن يقلده ، حكاه الإجماع لا ينعقد عليه ، وينعقد على غيره الآمدي وتابعه المتأخرون ، وأنكر عليه بعضهم ، وقال : أرى حكايته لغيره . والظاهر أنه تفسير للقولين المتقدمين ، ومنع من بقائهما على إطلاقهما ; لوقوع مسألتين في بابي الاجتهاد والتقليد ، تنفي ذلك .
إحداهما : اتفاقهم على أن ، وأنه يجب عليه العمل بما أداه إليه اجتهاده ، فالقول هنا بأنه يجب عليه العمل بقول من خالفه معارض لذلك الاتفاق . وثانيهما : اتفاقهم على أنه يجوز المجتهد بعد اجتهاده ممنوع من التقليد ، وإذا ثبت هذا استحال بقاء القولين في هذه المسألة على إطلاقهما ، وتبين أن معنى قول من يقول : لا ينعقد الإجماع بدونه ، يعني في حق نفسه ، ومعنى قول من يقول : فينعقد ، يعني على غيره ، ويصير النزاع لفظا ، وعلى هذا يجب تأويل هذا القول ، وإلا فهو مشكل . [ ص: 421 ] والرابع : للمقلد أن يقلد من عرف بالعلم والعدالة ، وأنه يحرم عليه تقليد من عرف بضد ذلك ، حكاه التفصيل بين الداعية فلا يعتد به ، وبين غيره فيعتد به في كتاب الإحكام " ، ونقله عن جماهير سلفهم من المحدثين ، وقال : وهو قول فاسد ; لأن المراعى العقيدة . ابن حزم
واعلم أنه كثر في عبارة المصنفين خصوصا في علم الكلام أن يقولوا عن الرافضة ونحوهم : خلافا لمن لا يعتد بخلافه ، وهذا لا ينبغي ذكره ; لأنه كالتناقض من حيث ذكره . وقال : لا يعتد به ، إلا أن يكون قصدهم التشنيع عليهم بخلاف الإجماع . فرعان . أحدهما : إذا لم يعتد بخلاف من كفرناه . فلو أنهم أجمعوا حال تكفيره ، ثم تاب وأصر على ذلك الخلاف ، فهل يعتبر خلافه الآن ؟ فليبن على انقراض العصر . وسنذكره . الثاني : أن وقال بعض الفقهاء لو خالف الإجماع الذي خالف فيه المبتدع ، فإن لم يعلم ببدعته ، أو علمها لكنه لم يعلم أنها توجب الكفر ، ويعتقد أنه لا ينعقد الإجماع بدونه ، هل يكون معذورا أم لا ؟ الهندي : إن لم يعلم بدعته فمعذور ، إن كان مخطئا فيه حيث تكون موجبة للتكفير ; لأنه غير مقصر ، وإن علمها لكنه لم يعلم اقتضاءها التكفير ، فغير معذور ، بل كان يلزمه مراجعة علماء الأصول ، وإن مثل هذا الاعتقاد هل يكفر أم لا ؟