وبه قال [ الشرط ] الخامس أنه إجماع إن كان فتيا لا حكما . كذا حكاه عنه ابن أبي هريرة الشيخ أبو إسحاق ، والماوردي ، والرافعي ، وابن السمعاني ، والآمدي ، وابن الحاجب . والذي في البحر " للروياني ، والأوسط " لابن برهان ، والمحصول " للإمام الرازي عنه : " لا إن كان من حاكم " . وبينهما فرق ، إذ لا يلزم من صدوره عن الحاكم أن يكون قاله على وجه الحكم . والأول ظاهر نقل أبي الحسين بن القطان عنه ، فإنه صور المسألة بما إذ أجرى سكوتهم على حكم حكمت به الأئمة . [ ص: 464 ] وعبارة الروياني عنه : " لا إن كان من إمام أو حاكم " . قال : والأكثرون من أصحابنا قالوا : لا فرق بين الإمام وغيره . وقد خالف الصحابة في الجد ، في المشتركة ، وغير ذلك . على أنا إن اعتبرنا في هذا انقراض العصر ومحاباة الإمام أو الحاكم اختص مجلس حكمه دون غيره . قال : وهذا أصح عندي ، فعلى هذا القول يصير بمنزلة قوله وحده هل يترك به القياس ؟ قولان . وقال وعمر الخوارزمي في الكافي " : لو ظهر هذا من الإمام أو الحاكم إما بطريق الفتوى أو القضاء ، فقال : لا يكون حجة ; لأن الإمام لا يعترض عليه ، فلا يكون سكوتهم دليل الرضا . قال : وغيره ممن ذهب إلى هذا القول لا يفرق بين الإمام وغيره ، ومحاباة الحاكم والإمام مختص بمجلس الحكم . ا هـ . أبو علي بن أبي هريرة
ونقل ابن السمعاني عن أنه احتج بهذا ، بأنا نحضر مجلس بعض الحكام ، ونراهم يقضون بخلاف مذهبنا ، ولا ننكر ذلك عليهم ، فلا يكون سكوتنا رضا منا بذلك . قال ابن أبي هريرة ابن السمعاني : وهو تقرير حسن ، لا بأس به ، وهو نافع جدا في صورتي الإيراد في مسألة ميراث المبتوتة ، ومسألة استيفاء القصاص مع وجود الصغار من الورثة ، فإنه قد انتشر قضاء في ميراث المبتوتة . وكذلك قتل عثمان الحسين بن علي ابن ملجم قصاصا ، مع وجود الورثة الصغار ، وانتشر كلا الأمرين بين الصحابة ، ولم يكن مخالف ، ومع ذلك لم يقدموا ذلك على القياس . على أنه قد نقل عن الزبير مخالفة وابن عوف ، وأما قتل عثمان الحسين لابن ملجم ، ففيه كلام كثير ، وأيضا فإن الصحابة في ذلك الوقت كانوا متفرقين ; لكثرة الفتن إذ ذاك . قال : ومما يضم إلى هذا أن الحكم الصادر [ ص: 465 ] من الأئمة لا يماثل الفتوى الصادرة من المفتي ، وحفظ الأدب في ترك الاعتراض على الأئمة .
[ الشرط ] السادس عكسه قاله معتلا بأن الأغلب أن الصادر من الحاكم يكون على مشاورة . وهذا القول حكاه أبو إسحاق المروزي ابن القطان عن ، أبي إسحاق المروزي ، إلا أنه خصه بشيء ، وعبارته : إذا سكتوا عن حكم الأئمة حتى انقرض العصر ، فإن أصحابنا اختلفوا فيه إذا جرى على حكمه ، فمنهم من يقول : إنه إجماع . انتهى . ثم اختار آخرا قول والصيرفي ، وفي هذا النقل فائدتان . إحداهما : اشتراط انقراض العصر على هذا القول . والثانية : أن القائل بالأول هو ابن أبي هريرة ، لا أبو إسحاق المروزي الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ; لأن ابن القطان أقدم منه ، وإنما قلنا ذلك ; لأن الهندي في نهايته " نقله عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني . وفي المسألة طريقة أخرى ، وهي التي أوردها ابن كج في كتابه : إن كان على جهة الفتيا ، فهو إجماع ; لأنهم لا يسكتون عن شيء فيه ترك الدين ، وهل يقطع على الله عز وجل أم لا ؟ فيه وجهان ، وإن كان حكما وانقرض ذلك العصر ، ولم يظهر له مخالف فهو على وجهين : أحدهما : أنه إجماع كالفتيا ، والثاني : لا .