[ ص: 57 ] واختلفوا في ؟ على ثلاثة مذاهب : أحدها : نعم . وحكاه الدلائل اللفظية هل تفيد القطع الأصفهاني في شرح المحصول " عن المعتزلة ، وعن أكثر أصحابنا . والثاني : أنها لا تفيد . والثالث : وهو اختيار فخر الدين الرازي أنها تفيد القطع إن اقترنت به قرائن مشاهدة ، أو معقولة كالتواتر ولا يفيد اليقين إلا بعد تيقن أمور عشرة : عصمة رواة ناقليها ، وصحة إعرابها ، وتصريفها ، وعدم الاشتراك ، والمجاز ، والتخصيص بالأشخاص ، والأزمان ، وعدم الإضمار ، والتقديم والتأخير ، وعدم المعارض اللفظي ، قيل : ولم يذكر النسخ ; لأنه داخل عنده في التخصيص بالأزمان . قال في أصوله : وما ذكره صحيح غير أنه لا يشترط في حصول اليقين حصول هذه الأمور مفصلة في الذهن ، فإنا نقطع بأن الله تعالى قد حكم على المطلقة المدخول بها بتربص ثلاثة قروء ، لا أقل منها ، ولا أكثر . وأن حكم المحصر الذي لم يجد الهدي صيام عشرة أيام ، وإن لم يخطر لنا تفصيل هذه الأمور بالبال . وهذا كما يقول في الخبر المتواتر : إذا اجتمعت شروطه يفيد العلم ، وإن لم يشعر الذهن بتفصيل شروطه حالة حصول العلم به . القرطبي
وكذا القول في الدليل اللفظي ، فإنه قد يحصل لنا اليقين به قبل إحضار تلك الأمور بالبال . قال : وإنما نبهنا على ذلك لئلا يسمع القاصر كلام الإمام هذا . فيظن أنه لا يحصل العلم بالدليل اللفظي حتى يخطر له تلك الأمور بباله ، ويعتبرها واحدا واحدا فتشك نفسه مما حصل [ ص: 58 ] له من اليقين من الأدلة ، ولا شك أن ظن تلك الأمور ، أو بعضها بالدليل ظن إلا أن يقترن به قرائن عقلية ، أو حالية ، فيحصل اليقين منها . انتهى . ورده غيره بأن بعض النحو واللغة ، والشعر قد بلغ حد التواتر كرفع الفاعل ، ونصب المفعول ، ونحن لا ندعي قطعية جميع النقليات ، ومن ادعى أنه لا شيء من التراكيب يفيد القطع بمدلوله ، فقد أنكر جميع التواترات . وقال غيره : المقصود من هذه المسألة أن الدليل النقلي إذا أدى إلى إثبات أمر ، وقام الدليل العقلي على نفي ذلك الأمر ، فإن الدليل النقلي يسقط اعتباره في هذا المحل . ولا يمكن أن يقال : إنه معارض للدليل العقلي كما يتصور المعارضة بين العقلي والنقلي بالنسبة إلى محل واحد .