الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      ومراتب الاستدلال بالسكوت تختلف ، فأقوى ما يكون منه إذا كان صاحب الواقعة جاهلا بأصل الحكم في الشيء ولم يكن من أهل الاستدلال { كالأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد أحرم وعليه الجبة فقال : انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة وسكت عن الكفارة } فدل على سقوطها عن الجاهل والساهي ، ولو كانت واجبة لذكرها ، إذ لم يكن يجوز إهمال ذكرها تعويلا على معرفة الله بالحكم ، ودون هذا في المرتبة خبر الأعرابي المجامع في شهر رمضان فكان قوله : ( افعل كذا ) دليلا على أنه يجزئ عنه وعن زوجته . وإنما كان هذا أضعف من دلالة الخبر الأول ; لأن السائل في هذا الخبر قد أنبأ عن علته ، فإنه ارتكب معصية ، لقوله : { هلكت وأهلكت } ، وإذا كان المبتلى بالحادثة من أهل الاستدلال كان دليل السكوت فيه أوهى وأضعف . [ ص: 223 ] وأما قول الشافعي فيما خرج عن السبيلين : ذكر الله الأحداث في كتابه ، ولم يذكر هذا { وما كان ربك نسيا } فإن قوما من أصحابنا تعلقوا به أنه إنما رده إلى سقوط التكليف إلا بدليل ، وليس الأمر كذلك عند عامة الأصحاب ، وإنما وجهه ومعناه أن المتطهر على طهارته ، ولا ينتقض وضوءه إلا بحدث وما لم تقم دلالة على الحدث فأصل الطهر كاف فيه ، وقد قال عليه السلام : { لا ينصرف حتى يسمع صوتا } ومن احتج بقوله : { وما سكت عنه فهو عفو } فليس بجيد ; لأنه لا يمكن إجراؤه على عمومه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية