فوائد
الأولى [ ] التكليف بما علم الله أنه لا يقع
نقل الآمدي الإجماع على صحة التكليف عقلا بما علم الله أنه لا يقع ، وهو ممنوع فإن وابن الحاجب برهان قال : إن جماعة من أصحابنا [ ص: 118 ] صاروا إلى أن ذلك لا يسمى تكليفا ، فإن الله تعالى كلف الكفار بالإيمان ، ولا قدرة لهم على الإيمان ، لأن القدرة عند أصحابنا مع الفعل ، وأيضا فإن الخلاف السابق في التكليف بفعل مشروط علم الآمر انتفاء وقوعه يجري هنا كما صرح به أبو الحسين في " المعتمد " . فقال : قال قاضي القضاة يعني عبد الجبار : لم يختلفوا في أنه لا يجوز أن يفرد الله سبحانه المكلف الواحد بالأمر بالفعل ، وهو يعلم أنه يمتنع منه ، قال : ولم يختلفوا في أنه لا يجوز أن يأمر من يعلم أنه يموت أو يعجز بشرط أن يبقى ويقدر . انتهى .
وأيضا فقد حكى الإبياري وغيره خلافا في أن فعلى الثاني يصح التكليف به ، وعلى الأول يجيء فيه الخلاف المشهور في التكليف به . خلاف المعلوم هل هو مستحيل لذاته أو لغيره ؟
وقال : من علم الله سبحانه أنه لا يؤمن فقد صار إيمانه كالممتنع إيقاعه ، لأنه لو وقع لخالف علم الله تعالى ومخالفة علمه لا تصح ، ولكن هذا الامتناع ليس راجعا إلى عدم الإمكان . من ناحية الفعل بل هو ممكن في نفسه ، وعلم الله لا يصير الممكن غير ممكن ، فبقي على إمكانه ، وإن تعلق العلم به ، ألا ترى أنه لا يصير الإيمان في حقهم كالمعجوز عنه المستحيل لأجل تعلق علم الله بأنه لا يقع ، لما تقرر في علم الكلام أن خلاف المعلوم مقدور على الصحيح من القولين . المازري
قلت : ويدل له قوله تعالى : { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } فوصف نفسه بأنه قادر على ما علم أنه يكون ، وكذا قوله : { أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم } لأن القدرة عند أصحابنا مع الفعل .