من لواحق خطاب الوضع
nindex.php?page=treesubj&link=20685_20684_20683_20682تقسيم الحكم إلى أداء وقضاء وإعادة .
والضابط : أن العبادة إن فعلت في وقتها المحدود شرعا سميت أداء ، كفعل المغرب ما بين غروب الشمس وغروب الشفق ، فخرج ما لم يقصد فيه الوقت فلا يوصف بأداء ولا قضاء ، لأن المقصود منه الفعل في أي زمان كان ، كالإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد عند حضور العدو . بخلاف الأداء فإنه قصد منه الفعل والزمان .
وقالت الحنفية : غير المؤقت يسمى أداء شرعا . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } نزلت في تسليم مفتاح
الكعبة ، وهو غير مؤقت ، ولأصحابنا أن هذا معنى اللغوي ، والكلام في الاصطلاحي ، ولا يشترط وقوع الجميع في الوقت بل
[ ص: 41 ] لو وقع بعضه كركعة ، فالصحيح : أن الجميع أداء تبعا للركعة ، فإنها لمعظم الصلاة وقيل : بل يحكم ببقاء الوقت بالنسبة إليه ، وتكون العبادة كلها مفعولة في الوقت ، وهذا أمر تقديري ينافيه قولهم : بعضها خارج الوقت ، وسواء كان مضيقا كصوم رمضان ، أو موسعا كالصلاة وسواء فعل قبل ذلك مرة أخرى أم لا .
هذا هو قضية إطلاق الفقهاء والأصوليين منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11939القاضي أبو بكر في التقريب "
والغزالي في المستصفى "
والإمام في المحصول " .
ثم قال
الإمام : فإن فعل ثانيا بعد ذلك سمي إعادة ، فظن أتباعه أنه مخصص للإطلاق السابق فقيدوه وليس كذلك .
فالصواب : أن الأداء اسم لما وقع في الوقت مطلقا مسبوقا كان أو سابقا ، وإن سبقه أداء مختل سمي إعادة ، فالإعادة قسم من أقسام الأداء ، فكل إعادة أداء من غير عكس ، ولا تغتر بما تقتضيه عبارة التحصيل " والمنهاج " من كونه قسيما له .
وهل المراد بالخلل في الإجزاء كمن صلى بدون شرط أو ركن ، أو في الكمال كمن صلى منفردا ثم أعادها في جماعة في الوقت ؟ خلاف ، والأول : قول
القاضي .
فالحاصل : أن الإعادة فعل مثل ما مضى فاسدا كان الماضي أو صحيحا على القولين ، وقيل : لا يعتبر الوقت في الإعادة . فعلى هذا بين الأداء والإعادة عموم وخصوص من وجه ، فينفرد الأداء في الفعل الأول ، وتنفرد الإعادة بما إذا قضى صلاة ، وأفسدها ، ثم أعادها ، ويجتمعان في الصلاة الثانية في الوقت على ما سبق .
[ ص: 42 ]
وقال
سليم في التقريب " : الإعادة اسم للعبادة يبتدأ بها ، ثم لا يتم فعلها إما بأن لا يعقدها صحيحة ، وإما بأن يطرأ الفساد عليها ، وقد . يعيدها في الوقت فتكون أداء ، وبعد الوقت فتكون قضاء ، وربما عبر بالإعادة عن العبادة التي تؤخر ، أما إن أدى خارج وقته المضيق أو الموسع المتعين له سمي قضاء سواء كان التأثير بعذر أو بغيره ، وسواء سبق بنوع من الخلل أم لا .
وخرج بالمقدر : المعين عن المقدر بغيره ، بل بضرب من الاجتهاد كالموسع في الحج إذا تضيق وقته بغلبة الظن ، ثم بقي بعد ذلك وأداه فإنه لا يكون قضاء على المختار ، وسيأتي ، وسواء وجب أداؤه أو لم يجب ولكن وجد سبب الأمر ، ولا يصح عقلا كالنائم أو شرعا كالحائض ، أو يصح لكنه سقط لمانع باختيار العبد كالسفر ، أو لا باختياره كالمرض ، وما لا يوجد فيه سبب الأمر به لم يكن فعله بعد انقضاء الوقت قضاء إجماعا لا حقيقة ولا مجازا ، كما لو صلى الصبي الصلاة الفائتة في حالة الصبا ، وإن انعقد سبب وجوبه ووجب كان فعله خارج الوقت قضاء حقيقة بلا خلاف ، وإن انعقد سبب وجوبه ولم يجب لعارض سمي قضاء أيضا ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62347كنا نؤمر بقضاء الصوم } لكن اختلف فيه هل هو قضاء حقيقة أو مجازا ؟ والأكثرون على أن المعتبر في تسمية العبادة قضاء تقدم سبب وجوب أدائها لا وجوب أدائها ، وإلا لم تصح تسمية عبادة المجنون والحائض قضاء ، إذ لم يخاطب واحد منهما ، وهذا ما ذكره
الإمام الرازي nindex.php?page=showalam&ids=15140والمازري وغيرهما ، وهو الصحيح المنصوص أن الصوم لا يجب عليها حالة
[ ص: 43 ] الحيض ، وخالف
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب ، فقال : الحيض يمنع صحة الصوم دون وجوبه ، ونسبه إلى الحنفية ومأخذ الخلاف في أن القضاء في محل الوفاق هل كان لاستدراك مصلحة ما انعقد سبب وجوبه فيكون هاهنا حقيقة لانعقاد سبب الوجوب ، أو لاستدراك مصلحة ما وجب فيكون هاهنا مجازا لعدم الوجوب ؟ وذكر
سليم الرازي : أن مأخذ الخلاف أن القضاء هل يجب بأمر جديد أم بالأمر الأول ؟ فمن أوجبه الأمر الأول أطلق اسم القضاء عليه حقيقة وعلى مقابله يكون مجازا ، ثم إذا قلنا باشتراط سبق الوجوب في القضاء ، فهل يعتبر وجوبه على المستدرك أو وجوبه في الجملة ؟ قولان . ويتحصل من ثلاثة مذاهب :
الأول : وعليه الجمهور أن فعلهم في الزمان الثاني قضاء بناء على أن المعتبر في القضاء سبق الوجوب في الجملة لا سبق الوجوب على ذلك الشخص .
والثاني : أنه ليس بقضاء لعدم الوجوب عليهم بدليل الإجماع على جواز الترك .
والثالث : أنه واجب عليهم في الزمان الأول بسببه ، وفعلهم في الزمن الثاني قضاء .
قلنا : لو كانت الصلاة والصوم واجبان عليهم بأسبابهما لما جاز لهم تركهما لكن يجوز لهم تركهما إجماعا .
قالوا : شهود الشهر موجب ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وهم قد شهدوا الشهر .
[ ص: 44 ]
قلنا : شهود الشهر وإن كان موجبا للصوم عليهم لكن العذر مانع من الوجوب ، والشيء قد لا يترتب على موجبه لمانع فلا يلزم من شهود الشهر وجوب الصوم عليهم .
قال في المحصول " : ففي جميع هذه المواضع اسم القضاء إنما جاء لأنه وجد سبب الوجوب منفكا عن الوجوب ، لا لأنه وجد سبب الوجوب كما يقول بعض الفقهاء ، لأن المنع من الترك جزء ماهية الوجوب ، فيستحيل تحقق الوجوب مع جواز الترك .
ثم تقدم السبب قد يكون مع التأثيم بالترك كالقاتل المتعمد المتمكن من الفعل ، وقد لا يكون كالحائض ، ثم قد يصح مع الإجزاء وقد لا يصح إما شرعا كالحيض أو عقلا كالنوم ، ثم قيل : القضاء لا يوصف إلا بالواجب ، وقيل : لا يوصف بشيء من الثلاثة غيره وهما فاسدان .
والصواب : أن الواجب والمندوب كل منهما يوصف بالثلاثة ، ولهذا يقولون : يقضي الرواتب على الأظهر .
تنبيه [
nindex.php?page=treesubj&link=20684_20683لا فرق بين تسمية القضاء أداء وبالعكس ]
ما ذكر من الفرق بين الأداء والقضاء راجع إلى التلقيب والاصطلاح ، وإلا فعندنا لا فرق بين أن يسمى القضاء أداء والأداء قضاء ، ولهذا يجوز أن يعقد القضاء بنية الأداء ، فإذن لا فرق بينهما في الحقيقة وإنما هي ألفاظ وألقاب تطلق والحقيقة واحدة ، كذا قاله
ابن برهان في الأوسط " ذيل الكلام في أن القضاء هل يجب بأمر جديد ؟ وهو منازع فيه .
مِنْ لَوَاحِقِ خِطَابِ الْوَضْعِ
nindex.php?page=treesubj&link=20685_20684_20683_20682تَقْسِيمُ الْحُكْمِ إلَى أَدَاءً وَقَضَاءٍ وَإِعَادَةٍ .
وَالضَّابِطُ : أَنَّ الْعِبَادَةَ إنْ فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا الْمَحْدُودِ شَرْعًا سُمِّيَتْ أَدَاءً ، كَفِعْلِ الْمَغْرِبِ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِ الشَّفَقِ ، فَخَرَجَ مَا لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ الْوَقْتُ فَلَا يُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَ ، كَالْإِيمَانِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادِ عِنْدَ حُضُورِ الْعَدُوِّ . بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ قُصِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ وَالزَّمَانُ .
وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ : غَيْرُ الْمُؤَقَّتِ يُسَمَّى أَدَاءً شَرْعًا . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا } نَزَلَتْ فِي تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ
الْكَعْبَةِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ ، وَلِأَصْحَابِنَا أَنَّ هَذَا مَعْنَى اللُّغَوِيِّ ، وَالْكَلَامُ فِي الِاصْطِلَاحِيِّ ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْجَمِيعِ فِي الْوَقْتِ بَلْ
[ ص: 41 ] لَوْ وَقَعَ بَعْضُهُ كَرَكْعَةٍ ، فَالصَّحِيحُ : أَنَّ الْجَمِيعَ أَدَاءٌ تَبَعًا لِلرَّكْعَةِ ، فَإِنَّهَا لِمُعْظَمِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ : بَلْ يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ، وَتَكُونُ الْعِبَادَةُ كُلُّهَا مَفْعُولَةً فِي الْوَقْتِ ، وَهَذَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ : بَعْضُهَا خَارِجَ الْوَقْتِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُضَيَّقًا كَصَوْمِ رَمَضَانَ ، أَوْ مُوَسَّعًا كَالصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ فُعِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى أَمْ لَا .
هَذَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=11939الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي التَّقْرِيبِ "
وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى "
وَالْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ " .
ثُمَّ قَالَ
الْإِمَامُ : فَإِنْ فَعَلَ ثَانِيًا بَعْدَ ذَلِكَ سُمِّيَ إعَادَةً ، فَظَنَّ أَتْبَاعُهُ أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لِلْإِطْلَاقِ السَّابِقِ فَقَيَّدُوهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
فَالصَّوَابُ : أَنَّ الْأَدَاءَ اسْمٌ لِمَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ سَابِقًا ، وَإِنْ سَبَقَهُ أَدَاءً مُخْتَلٌّ سُمِّيَ إعَادَةً ، فَالْإِعَادَةُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الْأَدَاءِ ، فَكُلُّ إعَادَةٍ أَدَاءٌ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ التَّحْصِيلِ " وَالْمِنْهَاجِ " مِنْ كَوْنِهِ قَسِيمًا لَهُ .
وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْخَلَلِ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَنْ صَلَّى بِدُونِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ ، أَوْ فِي الْكَمَالِ كَمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ فِي الْوَقْتِ ؟ خِلَافٌ ، وَالْأَوَّلُ : قَوْلُ
الْقَاضِي .
فَالْحَاصِلُ : أَنَّ الْإِعَادَةَ فِعْلٌ مِثْلُ مَا مَضَى فَاسِدًا كَانَ الْمَاضِي أَوْ صَحِيحًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَقِيلَ : لَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ فِي الْإِعَادَةِ . فَعَلَى هَذَا بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْإِعَادَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ ، فَيَنْفَرِدُ الْأَدَاءُ فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ ، وَتَنْفَرِدُ الْإِعَادَةُ بِمَا إذَا قَضَى صَلَاةً ، وَأَفْسَدَهَا ، ثُمَّ أَعَادَهَا ، وَيَجْتَمِعَانِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا سَبَقَ .
[ ص: 42 ]
وَقَالَ
سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ " : الْإِعَادَةُ اسْمٌ لِلْعِبَادَةِ يُبْتَدَأُ بِهَا ، ثُمَّ لَا يُتِمُّ فِعْلَهَا إمَّا بِأَنْ لَا يَعْقِدَهَا صَحِيحَةً ، وَإِمَّا بِأَنْ يَطْرَأَ الْفَسَادُ عَلَيْهَا ، وَقَدْ . يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ فَتَكُونُ أَدَاءً ، وَبَعْدَ الْوَقْتِ فَتَكُونُ قَضَاءً ، وَرُبَّمَا عَبَّرَ بِالْإِعَادَةِ عَنْ الْعِبَادَةِ الَّتِي تُؤَخَّرُ ، أَمَّا إنْ أَدَّى خَارِجَ وَقْتِهِ الْمُضَيَّقِ أَوْ الْمُوَسَّعِ الْمُتَعَيِّنِ لَهُ سُمِّيَ قَضَاءً سَوَاءٌ كَانَ التَّأْثِيرُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ، وَسَوَاءٌ سَبَقَ بِنَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ أَمْ لَا .
وَخَرَجَ بِالْمُقَدَّرِ : الْمُعَيَّنُ عَنْ الْمُقَدَّرِ بِغَيْرِهِ ، بَلْ بِضَرْبٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ كَالْمُوَسَّعِ فِي الْحَجِّ إذَا تَضَيَّقَ وَقْتُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ، ثُمَّ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَسَيَأْتِي ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ أَدَاؤُهُ أَوْ لَمْ يَجِبْ وَلَكِنْ وُجِدَ سَبَبُ الْأَمْرِ ، وَلَا يَصِحُّ عَقْلًا كَالنَّائِمِ أَوْ شَرْعًا كَالْحَائِضِ ، أَوْ يَصِحُّ لَكِنَّهُ سَقَطَ لِمَانِعٍ بِاخْتِيَارِ الْعَبْدِ كَالسَّفَرِ ، أَوْ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَالْمَرَضِ ، وَمَا لَا يُوجَدُ فِيهِ سَبَبُ الْأَمْرِ بِهِ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ قَضَاءً إجْمَاعًا لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا ، كَمَا لَوْ صَلَّى الصَّبِيُّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ فِي حَالَةِ الصِّبَا ، وَإِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَوَجَبَ كَانَ فِعْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ قَضَاءً حَقِيقَةً بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنْ انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَلَمْ يَجِبْ لِعَارِضٍ سُمِّيَ قَضَاءً أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62347كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ } لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ قَضَاءٌ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا ؟ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَسْمِيَةِ الْعِبَادَةِ قَضَاءً تَقَدَّمَ سَبَبُ وُجُوبِ أَدَائِهَا لَا وُجُوبُ أَدَائِهَا ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ تَسْمِيَةُ عِبَادَةِ الْمَجْنُونِ وَالْحَائِضِ قَضَاءً ، إذْ لَمْ يُخَاطَبْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ
الْإِمَامُ الرَّازِيّ nindex.php?page=showalam&ids=15140وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا حَالَةَ
[ ص: 43 ] الْحَيْضِ ، وَخَالَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ ، فَقَالَ : الْحَيْضُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِهِ ، وَنَسَبَهُ إلَى الْحَنَفِيَّةِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ هَلْ كَانَ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ فَيَكُونُ هَاهُنَا حَقِيقَةً لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْوُجُوبِ ، أَوْ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا وَجَبَ فَيَكُونُ هَاهُنَا مَجَازًا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ ؟ وَذَكَرَ
سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ : أَنَّ مَأْخَذَ الْخِلَافِ أَنَّ الْقَضَاءَ هَلْ يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ أَمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ ؟ فَمَنْ أَوْجَبَهُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ أَطْلَقَ اسْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ مَجَازًا ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ سَبْقِ الْوُجُوبِ فِي الْقَضَاءِ ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ وُجُوبُهُ عَلَى الْمُسْتَدْرِكِ أَوْ وُجُوبُهُ فِي الْجُمْلَةِ ؟ قَوْلَانِ . وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ :
الْأَوَّلُ : وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ فِعْلَهُمْ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي قَضَاءٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقَضَاءِ سَبْقُ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لَا سَبْقُ الْوُجُوبِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِهِ ، وَفِعْلُهُمْ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي قَضَاءٌ .
قُلْنَا : لَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَاجِبَانِ عَلَيْهِمْ بِأَسْبَابِهِمَا لَمَا جَازَ لَهُمْ تَرْكُهُمَا لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُهُمَا إجْمَاعًا .
قَالُوا : شُهُودُ الشَّهْرِ مُوجِبٌ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } وَهُمْ قَدْ شَهِدُوا الشَّهْرَ .
[ ص: 44 ]
قُلْنَا : شُهُودُ الشَّهْرِ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلصَّوْمِ عَلَيْهِمْ لَكِنَّ الْعُذْرَ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ ، وَالشَّيْءُ قَدْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُوجِبِهِ لِمَانِعٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُهُودِ الشَّهْرِ وُجُوبُ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ .
قَالَ فِي الْمَحْصُولِ " : فَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ اسْمُ الْقَضَاءِ إنَّمَا جَاءَ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْوُجُوبِ مُنْفَكًّا عَنْ الْوُجُوبِ ، لَا لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْوُجُوبِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّرْكِ جُزْءُ مَاهِيَةِ الْوُجُوبِ ، فَيَسْتَحِيلُ تَحَقُّقُ الْوُجُوبِ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ .
ثُمَّ تَقَدُّمُ السَّبَبِ قَدْ يَكُونُ مَعَ التَّأْثِيمِ بِالتَّرْكِ كَالْقَاتِلِ الْمُتَعَمِّدِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ الْفِعْلِ ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْحَائِضِ ، ثُمَّ قَدْ يَصِحُّ مَعَ الْإِجْزَاءِ وَقَدْ لَا يَصِحُّ إمَّا شَرْعًا كَالْحَيْضِ أَوْ عَقْلًا كَالنَّوْمِ ، ثُمَّ قِيلَ : الْقَضَاءُ لَا يُوصَفُ إلَّا بِالْوَاجِبِ ، وَقِيلَ : لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ غَيْرَهُ وَهُمَا فَاسِدَانِ .
وَالصَّوَابُ : أَنَّ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُوصَفُ بِالثَّلَاثَةِ ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ : يَقْضِي الرَّوَاتِبَ عَلَى الْأَظْهَرِ .
تَنْبِيهٌ [
nindex.php?page=treesubj&link=20684_20683لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْقَضَاءِ أَدَاءً وَبِالْعَكْسِ ]
مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ رَاجِعٌ إلَى التَّلْقِيبِ وَالِاصْطِلَاحِ ، وَإِلَّا فَعِنْدَنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَمَّى الْقَضَاءُ أَدَاءً وَالْأَدَاءُ قَضَاءً ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ ، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ أَلْفَاظٌ وَأَلْقَابٌ تُطْلَقُ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ ، كَذَا قَالَهُ
ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ " ذَيَّلَ الْكَلَامَ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ هَلْ يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ ؟ وَهُوَ مُنَازَعٌ فِيهِ .