اختلف في التكليف هل يكون معتبرا بالأصلح  ؟  [ ص: 53 ] فالذي عليه أكثر المتكلمين  أنه معتبر بالأصلح ، لأن المقصود منه منفعة العباد . 
وذهب الفقهاء وجمع من المتكلمين  وهو المنسوب إلى الأشعرية  إلى أنه موقوف على مشيئة الله تعالى من مصلحة وغيرها ، لأنه مالك لجميعها ، فمن اعتبر بالأصلح منع من تكليف ما لا يطاق  ، وبه يصح تكليف ما لحقت فيه المشقة المحتملة    . 
واختلف في صحة التكليف بما لا مشقة فيه  ، فجوزها الفقهاء ، ومنع منها بعض المتكلمين  ، وقد ورد التعبد بتحويل القبلة ، من بيت المقدس  إلى الكعبة  ، وليس فيه مشقة . 
قال القاضي    : ومتعلق التكليف اكتساب العبد الأفعال ، ولا يتعلق بذواتها ولا بحدوثها ، فإن ذلك بقدرة الله تعالى خلافا للمعتزلة  في قولهم . التكليف متعلق بالإيجاد والإحداث ، وأصل الخلاف خلق الأفعال عندهم . ولا يعقل التكليف إلا باجتماع أربعة أمور    : التكليف وهو المصدر ، والمكلف وهو من يقوم به التكليف ، وأصله طالب ملزم ، لكن قد حققنا أنه لا يجب إلا طاعة الله ، وطاعة من أوجب طاعته المكلف ، وهو الذي استدعى منه الفعل ، والمكلف به هو المطلوب ، وإنما يشتق اسم الفاعل ، أو المفعول من المصادر ، فلهذا قدمنا الكلام على  [ ص: 54 ] التكليف ، ومن جملته معرفة الطائع ليثاب والعاصي ليعاقب ، فلهذا اشترط لهذا شروط بعضها في المكلف ، وبعضها في المكلف به ، وحكم المكلف والتكليف قد عرفا فلنتكلم على الأخيرين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					