وأما : فإما أن يستقل في دلالته على المعنى الجزئي فهو العلم كزيد ، وإلا فإن احتاج إلى قرينة ، إما تكلم أو خطاب أو غيبة ، فهو وهو الموصول . هذا هو الذي عليه الأكثرون ، منهم الجزئي الرازي وأتباعه ، أعني أن المضمر جزئي ، وقد رأيته مصرحا به في كتاب في أول باب العموم وحجتهم ، أن الكلي نكرة والمضمرات أعرف المعارف ، ولأنه لو كان موضوعا لكلي لما أفاد الشخص ، لأن الدال على الأعم غير دال على الأخص ، ورجح القفال الشاشي القرافي والأصفهاني كونه موضوعا لكلي ، لأنه لو كان لجزئي لما دل على شخص آخر إلا بوضع آخر ، فلما صدقت لفظة " أنا " على ما لا يتناهى من المتكلمين وكذلك " أنت " على ما لا يتناهى من المخاطبين ، و " هو " على ما لا يتناهى من الغائبين من غير احتياج لوضع دل على أنه كلي ، [ ص: 292 ] ومال إليه أبو بكر بن طلحة من النحاة .
فقال : إن المضمر لا ينعت ، لأنه لا يقع فيه عموم فيفتقر إلى تخصيص ولا اشتراك فيفتقر إلى إزالة كذا يقول النحويون المتقدمون ، وفيه نظر ، فإنه يبدل منه للبيان ، ولو لم يقع فيه اشتراك لما أبدل منه أصلا ، وكذا قولهم : المتكلم أعرف من المخاطب ، والمخاطب أعرف من الغائب ، اعتراف مبهم بدخول الاشتراك ، وإنما لم ينعت لأمر آخر .
وقال الشيخ أبو حيان : هو كلي في الوضع جزئي في الاستعمال ، وهو حسن ، وبه يرتفع الخلاف .
والحق : أن الضمير بحسب ما يعود إليه ، فإن عاد على عام كان عاما في كل فرد ، أو على جمع فهو له ، وإن عاد على خاص كان خاصا ، وأما إطلاقهم أن العلم جزئي ، فهو في علم الشخص ، أما علم الجنس فلا شك أنه كلي .