[ ص: 182 ] مسألة [ العرب ] إنزال القرآن بلغة
وأنزله الله تعالى بلغة العرب . قال الله تعالى : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } وأورد ابن السمعاني سؤالا حسنا ، وهو أنه كان من تقدم من الأنبياء عليهم السلام مبعوثا إلى قومه خاصة فجاز أن يكون مبعوثا بلسانهم . أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فمبعوث إلى جميع الأمم ، فلم صار مبعوثا بلسان بعضهم ؟ أجاب : بأنه لا يخلو إما أن يكون عليه السلام مبعوثا بلسان جميعهم ، وهو خارج عن العرف والمعهود من الكلام ، ويبعد بل يستحيل أن ترد كل كلمة من القرآن مكررة بكل الألسنة ، فتعين أن يكون بلسان بعضهم ، وكان اللسان العربي أحق من كل لسان ، لأنه أوسع وأفصح ، ولأنه لسان أولى بالمخاطبين .
قال الشيخ جمال الدين بن مالك : ونزل بلغة الحجازيين إلا قليلا ، فإنه نزل بلغة التميميين فمن القليل إدغام { ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب } في سورة الحشر { من يرتد منكم عن دينه } في قراءة غير نافع وابن عامر فإن الإدغام في المجزوم والأمر المضاعف لغة تميم ، والفك لغة أهل الحجاز . وكذلك نحو [ ص: 183 ] { من يرتد منكم عن دينه } { فليكتب وليملل } و { يحببكم الله } و { يمددكم } و { من يشاقق } و { من يحادد الله } و { استفزز } { فليمدد } { واحلل } و { اشدد به أزري } { ومن يحلل عليه } قال : وقد أجمع القراء على نصب { إلا اتباع الظن } لأن لغة الحجازيين التزام النصب في المنقطع ، وإن كان بنو تميم يتبعون ، كما أجمعوا على نصب { ما هذا بشرا } ، لأن القرآن نزل بلغة الحجازيين ، وزعم أن قوله تعالى : { الزمخشري قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } أنه استثناء منقطع جاء على لغة بني تميم ، ثم نازعه في ذلك .