مسألة [ النص والظاهر    ] 
وينقسم باعتبار آخر إلى نص وظاهر : أما النص : فهو في اللغة : الظهور والارتفاع ، ومنه يقال : نصصت بمعنى أظهرت ، ومنه نصت الصبية جيدها إذا أظهرته ، وقولهم للمنارة منصة ، ومنها المنصة التي تجلس عليها العروس ، وفي الحديث { كان إذا وجد فرجة نص   } أي دفع السير وأسرع .  [ ص: 204 ] ويطلق باصطلاحات : أحدها : مجرد لفظ الكتاب والسنة ، فيقال : الدليل إما نص أو معقول وهو اصطلاح الجدليين . يقولون : هذه المسألة يتمسك فيها بالنص ، وهذه بالمعنى والقياس . الثاني : ما يذكر في باب القياس ، وهو مقابل الإيماء . الثالث : نص  الشافعي  فيقال : لألفاظه نصوص باصطلاح أصحابه قاطبة . الرابع : حكاية اللفظ على صورته كما يقال : هذا نص كلام فلان . الخامس : يقابل الظاهر وهو مقصودنا ، وقد اختلف فيه ، فقال إلكيا الطبري    : نص  الشافعي  على أن النص كل خطاب علم ما أريد به من الحكم ، قال : وهذا يلائم وضع الاشتقاق ، لأنه إذا كان كذلك كان قد أظهر المراد به وكشف عنه ، ثم على هذا ينقسم النص إلى ما يحتمل وإلى ما لا يحتمل    . وقال ابن برهان    : لعل  الشافعي  إنما سمى الظاهر نصا ، لأنه لمح فيه المعنى اللغوي ، قال  المازري    : أشار  الشافعي  والقاضي أبو بكر  إلى أن النص يسمى ظاهرا ، وليس ببعيد ، لأن النص في أصل اللغة الظهور ، وقال الإبياري  ، يطلق النص على ما لا يتطرق إليه احتمال وسواء عضده بالدليل أم لا ، وهذا  [ ص: 205 ] الذي ذكره  الشافعي  هو اختيار القاضي  ، وقد يكون نصا بوضع اللغة ، وقد يكون بالقرينة ، وقيل : ما استوى ظاهره وباطنه ، وأشار بالباطن إلى المفهوم ، وإلا فليس للفظ ظاهر ولا باطن في الحقيقة ، وقال أبو الحسين  في " المعتمد " : قال  الشافعي  في حد النص : إنه خطاب يعلم ما أريد به من الحكم سواء كان مستقلا بنفسه ، أو علم المراد به بغيره ، ولا يسمى المجمل نصا  ، وبهذه حده  الكرخي    . وذكر عبد الجبار  أن النص هو خطاب يمكن أن يعرف المراد به . وشروطه ثلاثة    : أن يتكون لفظا ، وأن لا يتناول إلا ما هو نص فيه ، وإن كان نصا في عين واحدة وجب أن لا يتناول ما سواها ، وإن كان نصا في أشياء كثيرة وجب أن لا يتناول ما سواها . والثالث : أن تكون إفادته لما يفيده ظاهره غير محتمل . وقال  الأستاذ أبو منصور    : النص في عرف أهل اللغة : اللفظ الذي لا يمكن تخصيصه ، كقولك : أعط زيدا أو خذ من عمرو ، وافعل أنت ونحوه ، ومنه { قوله صلى الله عليه وسلم  لأبي بردة    : ولن تجزي عن أحد بعدك   } . وأصله الظهور . قال : وحكي عن بعض أصحابنا قال : لا لفظ في كلام العرب  إلا وأصله التخصيص ، وذهب هذا القائل إلى أن الألفاظ كلها نصوص ، عموما كان أو ظاهرا ، وزعم أن الاحتمال في قوله عليه السلام  لأبي بردة    : " يجزئك " جواز قياس الدلالة على أن غيره في معناه . قال : وهذا لا ينفي الأول ، لأن الاحتمال في غير النص . ا هـ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					