[ ص: 338 ] مسألة [ ] بقاء معنى المشتق هل هو شرط
في أن دوام ما منه الاشتقاق أعني بقاء معنى المشتق منه هل شرط في إطلاق اسم المشتق بطريق الحقيقة أم لا ؟ فمن لم يشترط وجوده لم يشترط دوامه قطعا ، وأما الذين يشترطون وجوده فاختلفوا فيه .
فنقول : إطلاق الاسم المشتق كاسم الفاعل والمفعول باعتبار الحال حقيقة بلا خلاف كتسمية الخمر خمرا ، وباعتبار المستقبل مجاز بلا خلاف كتسمية العنب والعصير خمرا ، وأما إطلاقه باعتبار الماضي كإطلاق الضارب على من صدر منه الضرب . انتهى .
وهذا هو محل الخلاف ، فقال الجمهور منهم الرازي : إنه مجاز . والبيضاوي
وقال والفلاسفة ، ابن سينا من وأبو هاشم المعتزلة : إنه حقيقة ، ونقل الآمدي مذهبا ثالثا أن معنى المشتق منه إن كان مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود اشترط بقاؤه في كون المشتق حقيقة وإلا فلا ، كما في المصادر السيالة مثل الكلام وأنواعه ، ونسبه وابن الحاجب الصفي الهندي في النهاية إلى الأكثرين ويحتاج إلى تثبت ، فإن الرازي ذكره في أثناء المسألة على سبيل البحث ، وقال : إنه لم يقل به أحد ، فإن كان مستند نقلهم هذا فقد علمت ، لكن الإمام في جواب المعارضة صرح باختياره ومنع الإجماع فقال : قلنا : المعتبر عندنا حصول بتمامه إن أمكن ، أو حصوله آخر جزء من [ ص: 339 ] أجزائه ، ودعوى الإجماع على فساد هذا التفصيل ممنوعة ، هذا لفظه في المسودة الأصولية وقيل : إن ما يعدم عقب وجود مسماه كالبيع والنكاح والاغتسال والتوضؤ فإن الاسم يقع عليه بعد حقيقة ، وما يدوم بعد وجود المسمى كالقيام والقعود ، فإذا عدم المسمى جميعه كان مجازا .
ونقل الأصفهاني عن بعضهم تفصيلا آخر ، وقال : إنه الحق ، وهو أنه إذا وجد معنى في المحل ، واشتق له منه اسما فبعد ذلك إن لم يطرأ على المحل ما يناقضه ويضاده بقي صدق المشتق كالقاتل والزاني والسارق ، فأما إذا طرأ على المحل ما يضاده ، واشتق له منه اسم المشتق الأول ، فحينئذ لا يصدق المشتق الأول كاللون إذا قام به البياض يسمى أبيض ، فإذا اسود لا يقال في حالة السواد : إنه أبيض ، والدليل على ذلك : أن الله تعالى أمر بجلد الزاني وقطع السارق ، ولو كان بقاء وجه الاشتقاق شرطا لما أمكننا امتثال الأمر ، لأن حالة الجلد والقطع ليس بزان ولا سارق حقيقة ، فلا يقع الامتثال بالأمر .
ويخرج من كلام في مسألة خيار المجلس قول خامس بالتفصيل بين إطلاقه عقب المعنى المشتق منه فيسوغ ، وبين أن يتطاول الزمان فلا ، ومن كلام القاضي أبي الطيب الطبري من الحنابلة سادس ، وهو التفصيل بين ما يطول زمنه كالأكل والشرب ، وبين ما يقصر كالبيع والشراء ، وهو قريب من الخامس ، وكلام أبي الخطاب يقتضي التوقف في المسألة فإنه ذكر شبه الفرق ، وأجاب عن الجميع ، فتحصلنا على سبع مذاهب ، يشترط بقاؤه حقيقة ومجازا ، التفصيل بين الممكن وغيره . التفصيل بين طرو ما يناقض التفصيل بين الإطلاق عقبه أو بعده . التفصيل [ ص: 340 ] بين طول الزمان وقصره ، الوقف والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن المخالف في الأول يقول بصدق المشتق كالعالم والقادر ، وإن لم يكن ما منه الاشتقاق قائما بالمشتق منه ولا في وقت ما ، وأما المخالف في هذه فإنه يقول : إن قام ما منه الاشتقاق بالشيء فهو صادق حقيقة حينئذ ، وإذا انقضى ولم يقم به فهو يصدق عليه مجازا لا حقيقة ، وعلى المذهب الآخر عكسه . ابن الحاجب