[ خطاب التكليف وخطاب الوضع ] : أحدهما : خطاب الشرع قسمان بالأمر والنهي والإباحة : ومتعلقه الأحكام الخمسة : الوجوب ، والتحريم والندب ، والكراهة والإباحة ; لأن لفظ التكليف يدل عليه ، وإطلاق التكليف على الكل مجاز من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء ; لأن التكليف في الحقيقة إنما هو للوجوب ، والتحريم والنسيان يؤثر في هذا القسم ، ولهذا لا يأثم الناسي بترك المأمور ، ولا بفعل المنهي . الثاني : خطاب التكليف : الذي أخبرنا أن الله وضعه ، ويسمى خطاب الإخبار ، وهو خمسة أيضا ; لأن الوصف الظاهر المنضبط المتضمن حكمة الذي ربط به الحكم إن ناسب الحكم فهو السبب والعلة والمقتضي . وإن [ ص: 170 ] نافاه فالمانع ، وتاليه الشرط ، ثم الصحة ، ثم العزيمة ، وتقابلها الرخصة . فالأول : أوقات الصلاة ونصاب الزكاة . والثاني : كالدين في الزكاة ، والقتل في الميراث ، والنجاسة في الصلاة . والثالث : كالحول في الزكاة والطهارة في الصلاة . والرابع : الحكم على الشيء بالصحة والفساد والبطلان . والخامس : كحل الميتة للمضطر . وسنتكلم على جملة الأقسام في فصل خطاب الوضع إن شاء الله تعالى . خطاب الوضع
وزاد الجيلي من أصحابنا في كتاب " الإعجاز " والقرافي : التقديرات ، وهي إعطاء الموجود حكم المعدوم وبالعكس . فالأول : كالنجاسات المعفو عنها تقدر في حكم المعدومة . والثاني : كالملك المقدور في قوله : أعتق عبدك عني بكذا فيقدر له الملك حتى يثبت ولاء العتق له ، ويقدر الملك في دية المقتول خطأ قبل موته حتى يصح فيها الإرث ، وتقدير الملك قبيل الشهادة . قال الجيلي : ثم التقدير ينقسم إلى تقدير صفة شرعية في المحل يظهر أثرها في البيع والطلاق كتقدير ملك اليمين وملك النكاح ، وإلى تقدير أعيان محسوسة هي في نفسها معدومة مستحقة في الذمة . كتقدير الدراهم والدنانير في الحيوانات [ ص: 171 ] والحكم يطلق على هذه الجهات كلها ، ولا شك أن بينهما اتفاقا وافتراقا ، وما وقع به الاتفاق إنما هو الخطاب فقط .