[ ص: 5 ] المطلق والمقيد
: ما دل على الماهية بلا قيد من حيث هي هي ، وقال : في " المحصول " : ما دل على الماهية من غير أن يكون له دلالة على شيء من قيودها . والمراد بها عوارض الماهية اللاحقة لها في الوجود العيني في الذهن ، أما إذا اعتبر مع الماهية عارض من عوارضها وهي الكثرة ، فإن كانت محصورة فهي العدد ، وإلا فالعام قال : وبهذا التحقيق ظهر فساد قول من قال : المطلق الدال على واحد لا بعينه ، فإن قوله : واحد لا بعينه أمران مغايران للماهية ، من حيث هي هي ، زائدان عليها ، ضرورة أن الوحدة وعدم التعين لا يدخلان في مفهوم الحقيقة ، على ما ذكرنا . وقال صاحب " الحاصل " : الدال على الماهية من حيث هي هي هو المطلق ، والدال عليها مع وحدة معينة هو المعرفة ، وغير معينة هو النكرة . وقال صاحب " التنقيح " : الدال على الحقيقة هو المطلق ، ويسمى مفهومه كليا ، وحاصل كلام الإمام وأتباعه أن المطلق الدال على معنى كلي ، ونحوه قول المطلق الغزالي في " المستصفى " : لفظ لا يدل على غير واحد كزيد وعمرو وإلى ما يدل على أشياء كثيرة تتفق في معنى واحد ، ونسميه مطلقا ، فالمطلق : هو اللفظ الدال على معنى لا يكون تصوره مانعا من وقوع الشركة فيه . [ ص: 6 ] وقال اللفظ بالنسبة إلى اشتراك المعنى وخصوصيته ، ينقسم إلى ابن الزملكاني في " البرهان " : جعل صاحب " المحصول " المطلق والنكرة سواء ، وخطأ القدماء في حدهم له بما سبق ، محتجا بأن الوحدة والتعين قيدان زائدان على الماهية . قال : ويرد عليه أعلام الأجناس كأسامة وثعالة ، فإنها تدل على الحقيقة من حيث هي هي ، فكان ينبغي أن تكون نكرة . ورد عليه الأصفهاني في " شرح المحصول " ، وقال : لم يجعل الإمام المطلق والنكرة سواء ، بل غاير بينهما ، فإن المطلق الدال على الماهية من حيث هي هي ، والنكرة الدال عليها بقيد الوحدة الشائعة ، وأما إلزامه علم الجنس فمردود بأنه وضع للماهية الذهنية بقيد التشخيص الذهني بخلاف اسم الجنس . وأما الآمدي فقالا : إنه الدال على الماهية بقيد الوحدة الشائعة كالنكرة . قال في " الإحكام " : المطلق النكرة في سياق الإثبات . وقال وابن الحاجب : المطلق ما دل على شائع في جنسه ، وبنحو ذلك عرف النكرة في كتب النحو ، إلا أن الذي دعا ابن الحاجب الآمدي إلى ذلك هو أصله في إنكار الكلي الطبيعي . وأما فإنه لا ينكره ، بل هو مع الجمهور في إثباته ; لكن الداعي له إلى ذلك موافقة النحاة في عدم التفرقة بين المطلق والنكرة . ابن الحاجب
قال ابن الخشاب النحوي : النكرة : كل اسم دل على مسماه على جهة البدل ، أي فإنه صالح لهذا ولهذا . ا هـ . ولا ينبغي ذلك يعني موافقة للنحاة ، فإن النحاة إنما دعاهم إلى ذلك أنه لا غرض لهم في الفرق ، لاشتراك المطلق والنكرة في صياغة الألفاظ من حيث قبول " أل " وغير ذلك من الأحكام ، فلم يحتاجوا إلى الفرق ، أما الأصوليون والفقهاء فإنهما عندهم حقيقتان مختلفتان . [ ص: 7 ] ابن الحاجب
أما الأصولي فعليه أن يذكر وجه المميز فيهما ، فإنا قطعا نفرق بين الدال على الماهية من حيث هي هي ، والدال عليها بقيد الوحدة غير معينة ، كما نفرق بين الدال عليها بوحدة غير معينة ، وهو النكرة ، ومعينة وهي المعرفة ، فهي حقائق ثلاث لا بد من بيانها .
وأما الفقيه ، فلأن الأحكام تختلف عنده بالنسبة إليها ، ألا ترى أنه لما استشعر بعضهم التنكير في بعض الألفاظ اشترط الوحدة ، فقال الغزالي فيمن قال : إن كان حملها غلاما فأعطوه كذا ، فكان غلامين ، لا شيء لهما ، لأن التنكير يشعر بالتوحيد ، ويصدق أنهما غلامان لا غلام .
وكذا لو ، فقيل : لا تطلق ، لهذا المعنى ، وقيل تطلق ، حملا على الجنس من حيث هو ، فانظر كيف فرق الفقهاء بين المطلق والنكرة . . قال لامرأته : إن كان حملك ذكرا فأنت طالق طلقتين ، فكانا ذكرين