[ ص: 213 ] مسألة
محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع بالإجماع ، واختلف في أن شريعة نبينا عيسى بعث مقررا لشريعة موسى عليهما السلام ، أو بشريعة مبتدأة حكاه ابن الرفعة في " المطلب " ثم قال : والحق أنه لم ينسخ كل شريعة موسى ، ولهذا قال تعالى : { ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } لأنه لم يحلل لهم كل ما حرم عليهم ، لأن منه الزنى والقتل والسرقة ، وإنما أحل لهم السبت ، ولحم الإبل ، وأشياء من الحيتان والطير تخفيفا عنهم . ولم يوجب عليهم شيئا لم توجبه شريعة موسى .
وقال الإمام في تفسيره : روي أن الرسل بعد موسى عليه السلام كانت شريعتهم واحدة موافقة لشريعة موسى ، إلى أن جاء عيسى عليه السلام بشريعة مجددة . قال : ومنع القاضي كون الرسول الثاني يأتي بشريعة الرسول الأول سواء ، أي من غير زيادة ولا نقص إذا كانت شريعة الأول محفوظة يمكن معرفتها بالتواتر ، لأن الرسول إذا كان كذلك لم يعلم من جهته إلا ما قد علم من قبل ، فكما لا يجوز أن يبعث رسولا لا شريعة معه أصلا لما بين في العقليات ، كذلك ما نحن فيه . وأجاب الإمام عن ذلك بما يوقف عليه من كلامه . .