[ ] ثم في التقرير صور تعرض لها صور التقرير الشيخ في شرح الإلمام " : إحداها : أن ، فإذا سكت عن بيان كونه لازما دل على أنه ليس من لوازم ذلك الفعل ، كما لو أخبر بإتلاف يحتاج إلى معرفة تعلق الضمان أو عدمه ، كإتلاف خمر الذمي مثلا ، فسكوته يدل على عدم تعلق الضمان به ، وكما لو أخبر عن وقوع العبادة المؤقتة على وجه ما ، ويحتاج إلى معرفة حكم القضاء بالنسبة إليها ، فإذا لم يبينه دل على عدم وجوب القضاء . يخبر النبي عليه السلام عن وقوع فعل في الزمن الماضي على وجه من الوجوه ، ويحتاج إلى معرفة حكم من الأحكام ، هل هو من [ ص: 60 ] لوازم ذلك الفعل
وثانيتها : أن يسأل عن قول أو فعل ، لا يلزم من سكوته عليه مفسدة في نفس الأمر ، لكن قد يكون ظن الفاعل أو القائل يقتضي أن تترتب عليه مفسدة على تقديم امتناعه ، فهل يكون هذا السكوت دليلا على الجواز ، بناء على ظن المتكلم أو لا ; لأنه لا يلزم منه مفسدة في نفس الأمر ، لكن المطلق إنما أرسل الثلاث بناء على ظنه بقاء النكاح ، فيقضي ظنه بكون المفسدة واقعة على تقدير امتناع الإرسال . هذا إذا ظهر للمتلاعنين والحاضرين عقب طلاقه أن الفرقة وقعت باللعان ، وإلا فيكون البيان واجبا لمفسدة الوقوع في الإرسال . ومثاله أيضا : استبشاره عليه السلام بإلحاق القائف عليه السلام نسب ، فإن الذين لا يعتبرون إلحاق القائف يعتذرون بأن الإلحاق مفسدة [ ص: 61 ] في صورة الاشتباه ، ونسب أسامة بن زيد لاحق بالفراش في حكم الشرع ، فلا تتحقق المفسدة عندهم في نفس الأمر ، لكن لما كان الطاعنون في النسبة اعتقدوا أن إلحاق القافة صحيح ، اقتضى ذلك الظن منهم مع ثبوت النسب شرعا عدم المفسدة في إلحاق القائف . وثالثتها : أن أسامة فيدل ذلك على الحكم ، كما لو قيل بحضرته : هذا الفعل واجب أو محظور إلى غيرهما من الأحكام . ورابعتها : أن يخبر عن حكم شرعي بحضرته عليه السلام ، فيسكت عنه ؟ كحلف يخبر بحضرته عن أمر ليس بحكم شرعي ، يحتمل أن يكون مطابقا ، وأن لا يكون ، فهل يكون سكوته دليلا على مطابقته بحضرته أن عمر ابن صياد الدجال ولم ينكر عليه ، فهل يدل على كونه هو ؟ وفي ترجمة بعض أهل الحديث ما يشعر بأنه ذهب إلى ذلك . قال الشيخ : والأقرب عندي أنه لا يدل ; لأن مأخذ المسألة ومناطها أعني كون التقرير حجة هو العصمة من التقرير على باطل ، وذلك يتوقف على تحقق البطلان ، ولا يكفي فيه تحقق العصمة . نعم ، التقرير يدل على جواز اليمين على حسب الظن ، وأنها لا تتوقف على العلم ; لأن حلف على حسب ظنه ، وأقره عليه . ا هـ . عمر
ويلتحق بالتقرير صور أخرى . إحداها : ذكرها ابن السمعاني ، وهي ما يبلغ النبي عليه السلام عنهم ، ويعلمه ظاهرا من حالهم ، وتقرر عنده من عاداتهم ، مما سبيله الانتشار والاشتهار ، فلا يتعرض له بنكير ، كنوم الصحابة قعودا ينتظرون [ ص: 62 ] الصلاة ، فلا يأمرهم بتجديد الطهارة ، وكعلمه بأن أهل الكتاب يتعاملون بالربا ، ويشربون الخمر فلا يتعرض لهم . قال : ويتصل بهذا ما استدل أصحابنا به من ، وذلك أنه كان لا يخفى عليه أن الناس يتخذونها كما يتخذون الكروم والنخيل ، وكان الأمر في إرساله المصدقين والسعاة في أقطار الأرض ظاهرا بينا ، وكان إذا بعثهم كتب لهم الكتب ، فتقرأ بحضرته ويشهد عليها ، فلو كان يجب فيها شيء لأمر بأخذه ، ولو أمر لظهر كما ظهر غيره من الأشياء التي فيها الوجوب للأخذ ، فلما لم يكن كذلك دل على سقوط الزكاة عنها ، وأما قول من روى أنهم كانوا يبيعون أمهات الأولاد على عهد النبي عليه السلام ، فإنها لم تجر بهذا المجرى في الدلالة على جواز بيعهن ; لأنه لا يعلم هل كان يبلغه هذا الفعل عنهم أو لم يظهر له ذلك ، وقد قام الدليل على فساد بيعهن من وجوه ، فلم يعترض به على تلك الدلالة ، وهكذا ذكر الأستاذ إسقاط الزكاة في أشياء سكت النبي عليه السلام عنها من الزيتون والرمان ونحوهما في كتابه من صور كون الشيء من الأمور العامة ولا يتعرض فيه بالأخذ والإيجاب ، فيعلم أنه غير واجب ، كما قال أبو إسحاق الإسفراييني الشافعي في ومالك ، فلم يبلغهما أنه أخذ منها الزكاة أو أوجبها . قال : وهذا فيما إذا كان تركه يؤدي إلى ترك الفرض ، فأما المبايعات والإجارة التي لم ترد فيها النصوص المبينة للصحة والفساد ، فلا يكون الإمساك عنه دليلا على الصحة ; لأنه لا يتعلق بالفوات ، وقد أقام الدليل عليه من المعاني المودعة في النصوص ، ولا يكفي إقامة الدلالة في مثل الخضراوات ، بل الأخذ والتقدم بالإحرام إن كان فيها فرض . ا هـ . الخضراوات كانت على عهد الرسول