( فصل ) وأما فكالمنع من الإشراف على منازل الناس ، ولا يلزم من علا بناؤه أن يستر سطحه وإنما يلزم أن لا يشرف على غيره ويمنع ما ينكر من الحقوق المشتركة بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين أهل الذمة من تعلية أبنيتهم على أبنية المسلمين ، فإن ملكوا أبنية عالية أقروا عليها ومنعوا من الإشراف منها على المسلمين ، وأهل الذمة بما شرط عليهم في ذمتهم من لبس الغيار والمخالفة في الهيئة وترك المجاهرة بقولهم في العزير والمسيح ويمنع عنهم من تعرض لهم من المسلمين بسب أو أذى ، ويؤدب عليه من خالف فيه .
وإذا كان في أئمة المساجد السابلة والجوامع الجفلة من أنكر ذلك عليه كما { يطيل الصلاة حتى يعجز عنها الضعفاء وينقطع بها ذوو الحاجات حين أطال الصلاة بقومه وقال : أفتان أنت يا معاذ بن جبل معاذ } . أنكره رسول الله صلى الله عليه وسلم على
فإن أقام على الإطالة ولم يمتنع منها لم يجز أن يؤدبه عليها ولكن يستبدل به من يخففها .
وإذا فللمحتسب أن يأخذه مع ارتفاع الأعذار بما ندب له من النظر بين المتحاكمين وفصل القضاء بين [ ص: 320 ] المتنازعين ، ولا يمنع علو رتبته من إنكار ما قصر فيه . كان في القضاة من يجيب الخصوم إذا قصدوه ويمتنع من النظر بينهم إذا تحاكموا إليه حتى تقف الأحكام ويستضر الخصوم
قد مر إبراهيم بن بطحاء والي الحسبة بجانبي بغداد بدار أبي عمر بن حماد وهو يومئذ قاضي القضاة فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم وقد تعالى النهار وهجرت الشمس ، فوقف واستدعى حاجبه وقال : تقول لقاضي القضاة الخصوم جلوس على الباب وقد بلغتهم الشمس وتأذوا بالانتظار ، فإما جلست لهم أو عرفتهم عذرك فينصرفوا ويعودوا .
وإذا كان منعهم والإنكار عليهم موقوفا على استعداء العبيد على وجه الإنكار والعظة ، فإذا استعدوه منع حينئذ وزجر . كان في سادة العبيد من يستعملهم فيما لا يطيقون الدوام عليه