الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب السابع

        الوصية لأحدهما بشيء معين، وللآخر بجزء شائع من ذلك المعين نفسه

        مثل الوصية لأحدهما بداره وللآخر بنصفها، أو الوصية لأحدهما بأرضه أو سيارته المعينتين والوصية للآخر بثلثها، أو ربعها، ونحو ذلك.

        وقد اختلف فيها على أقوال:

        القول الأول: أنه يقسم بينهما بالحصص، فإذا كانت الوصية لأحدهما بالكل، وللآخر بثلثه قسم بينهما أرباعا، الموصى له بالكل ثلاثة أرباع، وللموصى له بالثلث ربع; لأن مقام الثلث ثلاثة، فصاحب الكل له ثلاثة، وصاحب الثلث له واحد، المجموع أربعة، وإذا كانت الوصية لأحدهما بالكل وللآخر بالنصف قسم بينهما أثلاثا، وهكذا.

        وهذا قول الجمهور.

        القول الثاني: أن للموصى له الثاني وصيته كاملة، والباقي للأول، فإذا كانت الوصية للثاني بالثلث أعطي الثلث، وللأول الثلثان، وإذا كانت الوصية للثاني بالنصف أعطي الثاني النصف، والأول النصف.

        وهو قول الحنفية ، وطاوس.

        [ ص: 338 ] القول الثالث: أن الموصى لهما يشتركان في الجزء الموصى به ثانيا، والباقي يختص به الموصى له الأول، فإذا كانت الوصية الثانية بالثلث أعطينا الموصى له بالكل الثلثين أولا، والثلث الباقي يقسم بينهما أنصافا، فيأخذ الأول خمسة أسداس الموصى به، ويأخذ الموصى له بالثلث السدس، وإذا كانت الوصية الثانية بالنصف أعطي الموصى له بالكل النصف أولا، والنصف الآخر يقسم بينهما نصفين، وهكذا.

        وهو قول أبي حنيفة، وبعض الشافعية .

        الأدلة:

        دليل القول الأول: (يقسم بينهما بالحصص ) :

        أن الوصية تقسم بينهما بالحصص على طريق العول; إذ هو العدل.

        دليل القول الثاني: أن الوصية الثانية بالجزء ناسخة للوصية الأولى بالكل ) :

        أنه يعطى الموصى له الثاني جميع الجزء الموصى له به، والباقي يأخذه الموصى له بالكل، بمنزلة الخاص مع العام; لأن الوصية بالكل كالوصية بالعام، والوصية بالجزء كالوصية بالخاص، والخاص مقدم على العام وناسخ له، أو مخصص فيما تعارضا فيه.

        ونوقش: بعدم التسليم لاختلاف محل الموصى له.

        دليل القول الثالث: أن الوصية الثانية تشريك، فيعطى للموصى له بالكل أولا ما زاد على الجزء الموصى به للثاني; لأن الثاني لا ينازعه فيه، ثم يقتسمان الجزء [ ص: 339 ] الموصى به للثاني; لاشتراكهما في الوصية لهما به، الأول بطريق دلالة التضمن لاندراجه في الوصية بالكل، والثاني موصى له بدلالة المطابقة.

        والأقرب: القول الأول; لقوة دليله.

        وإذا قال: ما أوصيت به لفلان، فنصفه أو ثلثه لفلان كان للموصى له ثانية ما سماه له، والباقي للأول بناء على أن الثانية رجوع عن الأولى.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية