المبحث الثاني: الوصية ببيع العين لشخص معين
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الوصية ببيعها لمعين من غير تحديد الثمن
كأن يقول: تباع لزيد; لتعلق حق الموصى له بالعين الموصى ببيعها، لكن اختلف العلماء -رحمهم الله- في مسألتين:
المسألة الأولى: في قدر الثمن
للعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: أنه يلزمهم بيعه بقيمته، ولا يلزمه أن ينقصوا منها شيئا.
وهو قول الشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أنه يلزم الورثة التخفيض من ثمنه بنسبة ثلث قيمته إلى جملة الثلث، فإن أبى أن يشتريه بثلث قيمته كان لهم الخيار إن شاؤوا أعطوه ثلث الموصى ببيعه.
وهو قول عند المالكية.
القول الثالث: أنه يلزم الورثة بيعه بتخفيض ثلث قيمته، إلا أنه إذا أبى [ ص: 212 ] من شرائه بعد التخفيض، فإن الوصية تبطل، ولا يلزمهم بيعه بما بذل ولا إعطاؤه ثلثه.
وهو قول عند المالكية.
الأدلة:
دليل القول الأول:
أن الوصية وقعت له بالبيع، فلا يلزمهم أكثر من ذلك، والبيع عند الإطلاق محمول على ثمن المثل، فكأنه أوصى له بشرط بذل ثمنه المعتاد.
دليل القول الثاني:
1- أن الوصية ببيعه تتضمن الوصية له ببعضه، فيعطى ثلثه أو ينقص له ثلث قيمته; لأن الثلث أصل الوصايا فتحمل عليه عند الإبهام.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الوصايا إذا كانت تحمل على الثلث عند الإبهام، فإنه يلزمهم أن يخفضوا له ما يساوي له ثلث التركة لا ثلث الموصى به فقط.
2- أن البيع يغلب فيه الغبن، فإذا أوصى ببيعه له ولم يحدد ثمنا كان ذلك رضى منه ببيعه بالغبن، وأقصى ما يقبل فيه الغبن هو الثلث، فلذلك لزمهم بيعه بغبن الثلث، أو إعطاؤه ثلث المبيع; لأنه موصى به حكما.
دليل القول الثالث: أنه إذا رفض شراءه بنقص الثلث كان ذلك بمنزلة رد الوصية، فتبطل.
ونوقش: بعدم التسليم.
والأقرب: القول الأول; لقوة دليله.