المسألة الثالثة: التضحية عنه من ماله:
اختلف أهل العلم رحمهم الله في على قولين: شراء الأضحية لليتيم من ماله
القول الأول: أن الولي ونحوه يملك شراء الأضحية لليتيم من ماله إذا كان موسرا.
[ ص: 319 ] وهو قول جمهور أهل العلم: الحنفية، والمالكية، والحنابلة.
وحجته:
1- قوله تعالى: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير
وقوله تعالى: وأن تقوموا لليتامى بالقسط
وقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن
وجه الدلالة: أن شراء الأضحية لليتيم من ماله من الإصلاح في ماله، والقيام له بالقسط وقربانه بالتي هي أحسن; لما فيه من جبر قلبه، وإلحاقه بمن له أب، وإدخال السرور عليه.
(330) 2- ما رواه من طريق مسلم أبي المليح، عن نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر الله عز وجل».
وهذا يشمل بيت اليتيم وغيره، فتشرع التضحية له من ماله.
3- أن المصلحة في التعامل مع مال اليتيم لا تقتصر على المصالح الدنيوية، بل تشتمل المصالح الأخروية، ومن ذلك الأضحية من ماله.
4- أن شراء الأضحية بمنزلة الثياب الحسنة، وشراء اللحم.
ونوقش: أن الأضحية عبادة مقصودة شرعا، وشراء الثياب واللحم من العادات فافترقا.
[ ص: 320 ] القول الثاني: أنه لا يجوز أن يضحي عنه.
وهو مذهب ورواية عن الشافعي، أحمد.
وحجته:
1- أنه إخراج شيء من ماله بغير عوض، فلم يجز كالهدية.
ولعله يناقش: بالفرق; فالهدية إخراج من ماله بلا مصلحة لليتيم، بخلاف الأضحية، فيترتب عليها مصلحة جبر قلبه، وإدخال السرور عليه.
قال ويحتمل أن يحمل كلام ابن قدامة: في الروايتين على حالين، فالموضع الذي منع التضحية إذا كان الطفل لا يعقل التضحية، ولا يفرح بها، ولا ينكسر قبله بتركها لعدم الفائدة فيها، والموضع الذي أجازها إذا كان اليتيم يعقلها...». أحمد
2- أنه مأمور بالاحتياط لماله، ممنوع من التبرع، والأضحية تبرع.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- مشروعية التضحية عن اليتيم من ماله لما يترتب عليها من مصالح دينية ودنيوية.