المطلب الثاني: حكمها، وأدلتها، ومذاهب العلماء فيها
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: حكمها، وأدلتها:
يتفق الأئمة الأربعة على أن أو لمقتضى الوقف، وما لم تقتض الضرورة أو المصلحة مخالفتها - كما سيأتي. الأصل في شروط الواقف الحل والصحة، وأن العمل بها واجب على الواقف وعلى غيره ناظرا كان أو حاكما أو قاضيا، ما لم تكن هذه الشروط مخالفة للشرع،
وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
1 - قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، والأمر بإيفاء العقد يتضمن إيفاء أصله، ووصفه، ومن وصفه: الشرط فيه.
2 - قوله تعالى في شأن الوصية : فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ، فبين أن التبديل في الوصية إثم، والوقف مثلها.
(194) 3 - ما رواه البخاري من طريق ومسلم قال: حدثني الليث يزيد [ ص: 72 ] ابن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عقبة بن عامر . إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»
(195) 4 - قوله: ، والواقف قد أوقف ماله على هذا الشرط، ولم يأذن في صرفه إلا وفقه ، فوجب الالتزام به; لأن الأصل في الأموال العصمة. «المسلمون على شروطهم»
وفعل عمر رضي الله عنه، فقد شرط في وقفه شروطا، ولو لم يكن اتباع تلك الشروط واجبا على من يلي وقفه; لكان اشتراطها خاليا من الفائدة وعبثا.
6 - ما رواه مالك في الموطأ عن القاسم بن محمد أنه قال: «ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا» ، قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا» ، وقال الباجي: «أي: عند علماء المدينة» .
7 - أن الناظر بمنزلة الوكيل عن الواقف، والوكيل يجب عليه تتبع تخصيصات موكله، كما لو قال له موكله : تصدق بهذا المال على فقراء البلد الفلاني، فإنه لا خلاف في وجوب التقيد به، وعدم جواز تفريقه على غيرهم، فكذلك يجب على من يلي النظر في الوقف التقيد بشروط الواقف.
8 - لما كان ابتداء الوقف إلى الواقف، فكذلك تفصيلاته، قال «لا نعلم في ذلك خلافا» . ابن قدامة: