[ ص: 196 ] المبحث العاشر: الوقف على القرابة
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أن يقول هذا وقف على قرابتي
إذا قال: هذا وقف على قرابتي، فاختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في المراد بالقرابة على أقوال:
القول الأول: أنه يدخل في ذلك كل من عرف بقرابته من جهة أبيه وأمه من غير تقييد.
وهو احتمال ذكره في الكافي، وصححه الحارثي من الحنابلة.
وعند المالكية أنهم قرابته من جهة أبيه ومن جهة أمه.
فيشمل كل من يقرب لأبيه، وأمه.
ورواية عن وفي قول للمالكية: كل قرابته من قبل الأب الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى دون قرابته من قبل الأم. أحمد،
قال الخرشي: «إذا قال هذا حبس على أقاربي، فإنه يدخل أقاربه من [ ص: 197 ] الجهتين، فيدخل كل من يقرب لأبيه من جهة أبيه، أو من أمه من الذكور والإناث، ويدخل كل من يقرب لأمه من جهة أمها، أو من جهة أبيها من الذكور والإناث، فتدخل العمات والخالات وأولادهن، والأخوة، وبنات الأخ، وبنات الأخت، والخال وابنه، ولا فرق بين المسلم والذمي» .
وجاء في الإنصاف: «وفي الكافي: احتمال بدخول كل من عرف بقرابته من جهة أبيه وأمه من غير تقييد بأربعة آباء ونحوه في المغني والشرح، وكذلك القاضي في المجرد، قال الحارثي: وهو الصحيح إن شاء الله تعالى» .
القول الثاني: أنهم قرابته من جهة أبيه، وجهة أمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى، ما خلا الأب والأم وولد الصلب إن كان الوقف على غير قرابة الواقف، وورثته إن كان الوقف على قرابته.
وهو الصحيح من مذهب الشافعية، وفي وجه لهم أن المراد بالقرابة: قرابته من قبل الأب، الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى دون قرابته من قبل الأم في الوقف على العربي دون الأعجمي.
القول الثالث: كل من يناسبه إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أبويه، سوى أبويه وولده لصلبه.
وهو المذهب عند الحنفية، وزاد الجد، وابن الابن، وقال أبو يوسف: كل ذي رحم محرم من قبل الأب والأم، ما خلا أبويه وجده وولده دون الكافر، ويسوي بينهم. أبو حنيفة:
[ ص: 198 ] جاء في فتح القدير: «ولو وقف على قرابته فهو لمن يناسبه إلى أقصى أب في الإسلام من قبل أبيه، أو إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أمه، لكن لا يدخل أبو الواقف ولا أولاده لصلبه، وفي دخول الجد روايتان، وظاهر الرواية لا يدخل، ويدخل أولاد البنات وأولاد العمات والخالات والأجداد الأعلون والجدات ورحمي وأرحامي، وكل ذي نسب مني كالقرابة وعلى عيالي يدخل كل من كان في عياله من الزوج والولد والجدات، ومن كان يعوله من ذوي الرحم وغير ذوي الرحم» .
القول الرابع: قرابة الرجل: أولاده، وأبوه، وجده، وجد أبيه، وأولادهم.
وهو المذهب عند الحنابلة.
وفي رواية عن أحمد: يختص بثلاثة آباء.
وعن الإمام أحمد: يختص بولده وقرابة أبيه وإن علا.
وعن أحمد: أنه يختص بمن يصله منهم.
قال ابن قدامة: . «وإن وقف على قرابته أو قرابة فلان، فهو للذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده، وجد أبيه، ويستوي الذكر والأنثى»
جاء في الإنصاف: «(وإن وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه) يعني: بالسوية بين كبيرهم وصغيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وغنيهم وفقيرهم، بشرط أن يكون مسلما، وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، قال الحارثي: هذا المذهب عند كثير [ ص: 199 ] من الأصحاب الخرقي والقاضي وأبي الخطاب والشريفين وابن عقيل أبي جعفر والزيدي وغيرهم.
قال الزركشي: هذا اختيار الخرقي والقاضي وعامة أصحابه، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والشرح والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، وعنه: يختص بولده وقرابة أبيه وإن علا مطلقا. اختاره الحارثي، وقدمه في المحرر والنظم، قال المصنف والشارح: فعلى هذه الرواية يعطي من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى» .