الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        الأدلة:

        أدلة القول الأول:

        (291) 1 - ما رواه مسلم من طريق كنانة بن نعيم العدوي، عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» .

        2 - قوله صلى الله عليه وسلم لسلمة بن صخر رضي الله عنه حين ظاهر من امرأته ولم يجد ما يطعم: «انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك») .

        وجه الدلالة من الحديثين السابقين: دل الحديثان على جواز الاقتصار على واحد من الموقوف عليهم; لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفع الصدقة إلى نفس واحدة، والوقف من قبيل الصدقة.

        3 - أن مقصود الواقف عدم مجاوزة الجنس; وذلك حاصل بالدفع إلى واحد منهم.

        دليل القول الثاني: دليل القول بعدم إجزاء الدفع إلى واحد من الموقوف عليهم ووجوب [ ص: 311 ] الدفع إلى اثنين فصاعدا: أن الفقراء اسم جمع وأقل الجمع ثلاثة، ومراعاة معنى الجمع واجبة ما أمكن إلا أن اثنين في باب الوقف يقومان مقام الثلاثة كالميراث، والجمع في باب الميراث يتناول الاثنين فصاعدا، فكذلك في الوقف.

        ونوقش: بأن مراعاة معنى الجمع إنما تجب عند الإمكان، فأما عند التعذر فلا، بل يحمل اللفظ على مطلق الجنس، كما في قوله: والله لا أتزوج النساء، وقوله: إن كلمت بني آدم، أو إن اشتريت العبيد أنه يحمل على الجنس، ولا يراعى فيه معنى الجمع، حتى يحنث بوجود الفعل منه في واحد من الجنس، ههنا لا يمكن اعتبار معنى الجمع; لأن ذلك مما لا غاية له ولا نهاية، فيحمل على الجنس.

        دليل القول الثالث: عدم إجزاء الدفع إلى واحد من الموقوف عليهم ووجوب الدفع إلى ثلاثة فصاعدا: أن الثلاثة أقل الجمع، فلا يجزئ الدفع إلى أقل منها.

        ويمكن أن يناقش: بما نوقش به دليل القول الثاني.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - القول الأول، وهو إجزاء الدفع إلى واحد من الموقوف عليهم; لقوة الأدلة التي استدلوا بها، وسلامتها من الاعتراض مع ضعف أدلة المخالفين; لما ورد عليها من المناقشة .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية