الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        الفصل الثاني: شروط الموصى له

        الموصى له: المراد به: المستفيد من التبرع سواء كان إنسانا، أو حيوانا، أو جهة.

        وفيه مباحث: المبحث الأول: الشرط الأول: أن يكون موجودا.

        المبحث الثاني: الشرط الثاني: أن يكون الموصى له معينا.

        المبحث الثالث: الشرط الثالث: أن يكون الموصى له ممن يحصى.

        المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن يكون الموصى له حرا.

        المبحث الخامس: الشرط الخامس: أن يكون الموصى له متحقق الحياة.

        المبحث السادس: الشرط السادس: أن يكون أهلا للتملك.

        المبحث السابع: الشرط السابع: أن يكون الموصى له مسلما.

        المبحث الثامن: الشرط الثامن: أن يكون غير قاتل للموصي.

        المبحث التاسع: الشرط التاسع: كونه غير وارث للموصي.

        المبحث العاشر: الشرط العاشر: كون الموصى له قريبا للموصي.

        المبحث الحادي عشر: الشرط الحادي عشر: كونه محتاجا غير غني.

        المبحث الثاني عشر: الشرط الثاني عشر: كونه غير صديق ملاطف.

        [ ص: 408 ] المبحث الثالث عشر: الشرط الثالث عشر: في كونه غير وال ولا حاكم على الموصي.

        [ ص: 409 ] المبحث الأول: الشرط الأول: أن يكون موجودا

        وفيه مطالب:

        المطلب الأول: الوصية للمعدوم استقلالا

        مثل أن يوصي لمن يولد لفلان، أو لأحفاده.

        اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم الوصية للمعدوم على رأيين:

        الرأي الأول: صحة الوصية للمعدوم.

        وهذا مذهب المالكية ، وهو قول عند الشافعية ، وقول عند الحنابلة أخذ به شيخ الإسلام .

        الرأي الثاني: عدم صحة الوصية للمعدوم.

        وبهذا قال الحنفية ، وهو الأصح عند الشافعية ، وهو المذهب عند الحنابلة .

        [ ص: 410 ] الأدلة:

        أدلة القول الأول: (الصحة):

        1 - عموم أدلة الوصية وهي تشمل الوصية للمعدوم.

        2 - أن الوصية كالوقف، والوقف يصح للمعدوم، كالوقف على من سيولد من آل فلان.

        ونوقش: بأن الوقف يراد للدوام فمن ضرورته إثباته للمعدوم.

        ويجاب: بأن الوصية لا يمنع أن يقصد منها الدوام أيضا، فإلحاقها بالوقف أولى من إلحاقها بالميراث بجامع التبرع في كل.

        3 - أن الوصية تصح بالمعدوم، وبالمجهول، فصحت للمعدوم.

        ونوقش: بأن الوصية صحت بالمعدوم والمجهول; لأن الغرر في الموصى به لا يبطلها لكونه يتسامح فيه.

        4 - قد تكون رغبة الموصي في المعدوم أكبر كما لو كان يخشى من سفه ابنه أن يضيع، فيوصي لأولاد ابنه وإن لم يوجدوا.

        5 - قد يكون المعدوم أكثر حاجة من الموجود، وأولى أن يدخر له المال.

        6 - أنه ليس فيه إضرار بالورثة; إذ حقهم في ثلثي التركة.

        7 - أن الوصية عمل معروف، والأصل في المعروف أن يكثر منه.

        أدلة القول الثاني: (عدم الصحة):

        1 - أن الوصية تمليك فلا تصح للمعدوم.

        [ ص: 411 ] ويناقش من وجهين:

        الأول: بأنه استدلال بمحل النزاع.

        الثاني: أن التمليك في الوصية متراخ وليس في الحال، بدليل صحتها للحمل مع أن حياته غير متحققة.

        الثالث: أن الموصى له وإن كان معدوما وقت الوصية إلا أن تمليكه الموصى به معلق على وجوده فصحت الوصية له، كما صح تعليق الموصي التبرع بالموت.

        2 - أن الوصية أجريت مجرى الميراث، والميراث لا يثبت إلا لمن كان موجودا حال موت المورث، فكذلك الوصية.

        ويناقش بالفرق بين الميراث والوصية من وجوه:

        الوجه الأول: أن الميراث جبري، والوصية ملك اختياري.

        الوجه الثاني: أن الميراث حق للورثة ليس لأحد إسقاطه، فليس هو من باب التبرعات، بخلاف الوصية فهي من باب التبرعات، والتبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها.

        الوجه الثالث: أن الميراث لو دخل فيه من سيحدث من الورثة لم يكن لذلك غاية ونهاية، بخلاف الوصية، فإن الموصي يعين من سيحدث ممن سيوصي له.

        3 - أنه لا متعلق للعقد في الحال، فأشبه الوقف على من سيولد له.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن الأصل المقيس عليه موضع خلاف بين أهل العلم.

        [ ص: 412 ] الترجيح:

        الراجح - والله أعلم -: صحة وصية المعدوم; لعدم الغرر; إذ أن الموصى له إما غانم أو غارم، ولا يترتب على ذلك ما يترتب على الغرر في عقود المعاوضات من العداوة والتشاحن; إذ المراد منها الكسب والربح.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية