المطلب الثامن: الاحتيال لنفوذ الوصية لوارث:
أجاز بعض الفقهاء ، وأجازوا عدة حيل للوصول إلى ذلك، منها: الاحتيال للزوم الوصية للوارث من غير إجازة الورثة
أن يوصي الإنسان لأجنبي بثلثه، أو بشيء من ماله بشرط أن يعطي الموصى له لوارث الموصي شيئا بعد موته، مثل وصيته لخاله أو عمته بسيارة إذا أعطيا دارهما لابنه أو ابنته، أو غيرهما من الورثة، ففي هذه الحال تصح الوصية للخال أو العمة إذا أعطيا دارهما لابن الميت أو ابنته، ويختصان بها، رغم أن الوصية في الحقيقة لهما، أي: الابن والبنت، فقد استطاع الميت بهذه الحيلة أن ينفع وارثه بماله، ويخصه به من غير احتياج لإجازة الورثة.
قال ابن القيم : "وكذلك الحيل نوعان: نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه، والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغي، فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه.
ونوع يتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وقلب المظلوم ظالما، والظالم مظلوما، والحق باطلا والباطل حقا، فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض.
[ ص: 567 ] قال الإمام رحمه الله: لا يجوز شيء من الحيل في إبطال حق مسلم... قال شيخنا: فالدليل على تحريم هذا النوع وإبطاله من وجوه: أحمد
الوجه الأول: قوله سبحانه وتعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ، وقال تعالى: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ، وقال في أهل العهد: وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله فأخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء المخادعين مخدوعون، وهم لا يشعرون أن الله تعالى خادع من خدعه، وأنه يكفي المخدوع شر من خدعه "والمخادعة: هي الاحتيال والمراوغة بإظهار الخير مع إبطان خلافه...
قال شيخنا: وهذا ضرب من النفاق في آيات الله تعالى وحدوده، كما أن الأول نفاق في أصل الدين.