الإعراب:
من فتح النون من (ياسين) أو كسرها; فلالتقاء [الساكنين، على أنه بناه]
[ ص: 396 ] على الوصل، ولم يقدر الوقف على حرف التهجي] فاختار الكسر; لأنه الأصل في التقاء الساكنين، والفتح; لخفته بعد الياء، ومن ضم; جاز أن تكون الضمة لالتقاء الساكنين; نحو: (نحن) و {هيت لك} [يوسف:23] وروي: أن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي سئل عنها - وهو القارئ بالضم - فقال: هي بلغة
طيئ: (يا إنسان).
أبو الفتح: يحتمل أن يكون أراد (يا إنسان) فاكتفى من جميع الاسم بالسين، فـ (يا) على هذا حرف نداء; كقولك: (يا رجل
nindex.php?page=treesubj&link=28908ومن قرأ: nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تنزيل العزيز الرحيم بالنصب; فعلى أنه مصدر، ومن رفع; أضمر مبتدأ، والجر جائز على البدل من {القرآن} .
[ ص: 397 ] ومن قرأ: {فأعشيناهم} بالعين; فهو منقول بالهمزة من (عشي) من (العشا) في العين، ومن قرأ بالغين معجمة; فالمعنى: فغطينا أبصارهم، وهما يرجعان إلى معنى.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13واضرب لهم مثلا أصحاب القرية : يجوز أن يكون {مثلا} و
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13أصحاب القرية مفعولين لـ {اضرب} ويجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13أصحاب القرية بدلا من قوله: {مثلا} على تقدير: واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية، فحذف المضاف.
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=14فعززنا بثالث : من قرأ بالتخفيف; فمعناه: غلبنا; ومنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23وعزني في الخطاب [ص 23] ومن شدد; فمعناه: قوينا، وكثرنا.
ومن قرأ: {أين ذكرتم} فمعناه: حيث كنتم فذكرتم، و {أين}: للشرط، وجوابها محذوف; لدلالة
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19طائركم معكم عليه; كأنه قال: أين وجدتم، أو ذكرتم; وجد شؤمكم معكم.
[ ص: 398 ] ومن قرأ: {أن} بالفتح من غير استفهام; فموضع {أن} نصب بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19طائركم معكم لأنهم لما قالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18إنا تطيرنا بكم أجابهم، فقال: بل طائركم معكم أن ذكرتم; أي: لأن ذكرتم، فلم تتذكروا، ولم تنتهوا، ولا يوقف على هذه القراءة، ولا على القراءة التي قبلها على {معكم} .
ومن قرأ: {آن ذكرتم} فالمعنى: ألأن ذكرتم؟ أدخل همزة الاستفهام على (أن) حسب ما تقدم.
ومن قرأ: {أين ذكرتم} فهي {إن} التي للجزاء، دخلت عليها همزة الاستفهام; فالمعنى: أإن ذكرتم تشاءمتم؟
ويوقف على قراءتي الاستفهام على {معكم} لأن الاستفهام له صدر الكلام، فهو يقطع ما قبله مما بعده.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=26يا ليت قومي يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=27بما غفر لي ربي : يجوز أن تكون (ما) استفهاما)
[ ص: 399 ] فيه معنى التعجب; كأنه قال: بأي شيء غفر لي ربي؟! على أن إثبات الألف في الاستفهام قليل، فيوقف على هذا على {يعلمون} .
ويجوز أن تكون (ما) والفعل مصدرا، فيكون التقدير: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي) والعائد من الصلة محذوف.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إن كانت إلا صيحة واحدة : النصب على تقدير: ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة، والرفع على الحمل على المعنى; لأن المعنى: قد كانت هناك صيحة واحدة; فكأنه قال: ما وقعت عليهم إلا صيحة واحدة.
وأنكر هذه القراءة
أبو حاتم وكثير من النحويين; بسبب التأنيث، فهو ضعيف; كما يكون (ما قامت إلا هند) ضعيفا; من حيث كان المعنى: ما قام أحد إلا هند.
ومن قرأ {يا حسره على العباد} بإسكان الهاء; جاز أن يكون {على العباد}
[ ص: 400 ] متعلقا بـ (الحسرة) وإسكان الهاء; للحرص على البيان وتقرير المعنى في النفس; إذ كان موضع وعظ وتنبيه، والعرب تفعل ذلك في مثله، وإن لم يكن موضعا للوقف، ومن ذلك: ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=667872عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنه كان يقطع قراته حرفا حرفا) حرصا على البيان والإفهام.
ويجوز أن يكون {على العباد} متعلقا بمحذوف، لا بـ (الحسرة) فكأنه قدر الوقف على (حسره) فأسكن الهاء، ثم قال: {على العباد} [أي: أتحسر على العباد].
ومن قرأ: {يا حسرة العباد} جاز أن يكون من باب الإضافة إلى الفاعل، فيكون (العباد) فاعلين، كأنهم إذا شاهدوا العذاب تحسروا، فهو كقولك: (يا قيام زيد) ويجوز أن يكون من باب الإضافة إلى المفعول، فيكون (العباد) مفعولين، فكأن العباد يتحسر عليهم من يشفق لهم، وقراءة من قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=30يا حسرة على العباد مقوية لهذا المعنى.
[ ص: 401 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون : قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أنهم إليهم لا يرجعون عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بدل من {كم} ومعنى {كم} ههنا الخبر; فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=32وإن كل لما جميع لدينا محضرون : {إن}: مخففة من الثقيلة، وما بعدها مرفوع بالابتداء، وما بعده الخبر، وبطل عملها حين تغير لفظها، ولزمت اللام في الخبر; للفرق بينها وبين التي بمعنى: (ما) و (ما) عند
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة زائدة; والتقدير عنده: وإن كل لجميع لدينا محضرون، فـ{كل}: مبتدأ، والخبر: (لجميع) ويجوز أن يكون (لجميع) بدلا، من (ما) أو نعتا لها; والتقدير: وإن كل لخلق جميع لدينا محضرون، وحسن ذلك; لأن من يعقل وما لا يعقل يحضر يوم القيامة.
ومن شدد جعل (إن) بمعنى: (ما) و (لما) بمعنى: (إلا) وقد تقدم القول في مثله.
[ ص: 402 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35وما عملته أيديهم : يجوز أن تكون (ما) موصولة في موضع جر; عطفا على
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35من ثمره وحذفت الهاء الراجعة إلى الصلة إلى الموصول في قراءة من حذف، وقراءة من قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35وما عملته أيديهم من غير حذف على الأصل.
ويجوز أن تكون {ما} نافية، فلا تحتاج إلى صلة، ولا راجع، ويحتاج من حذف الهاء -وهو يقدر {ما} نافية- إلى إضمار مفعول لـ {عملت} .
وقوله: {والقمر قدرناه منازل}: من رفع فعلى الابتداء والخبر، أو على تقدير: وآية لهم القمر قدرناه منازل، على الحمل على
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وآية لهم الليل نسلخ منه النهار .
ومن نصب {والقمر} فبإضمار فعل يفسره ما بعده; وهو {قدرناه}
وتقدم القول في
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها .
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=41وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون : يجوز أن تكون {أن} خبر عن {وآية} ويجوز أن يكون خبر {وآية} قوله: {لهم} و (أن) في موضع رفع بالابتداء، والخبر في الجملة، و (أن) وما بعدها في موضع التفسير لـ (الآية).
[ ص: 403 ] وجاز أن تكون (أن) مبتدأة; من أجل تعلقها بما قبلها; لأن (أن) الشديدة لا يجوز أن تكون مبتدأة كما تكون الخفيفة.
* * *
الْإِعْرَابُ:
مَنْ فَتَحَ النُّونَ مِنْ (يَاسِينَ) أَوْ كَسَرَهَا; فَلِالْتِقَاءِ [السَّاكِنَيْنِ، عَلَى أَنَّهُ بَنَاهُ]
[ ص: 396 ] عَلَى الْوَصْلِ، وَلَمْ يُقَدِّرِ الْوَقْفَ عَلَى حَرْفِ التَّهَجِّي] فَاخْتَارَ الْكَسْرَ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَالْفَتْحَ; لِخِفَّتِهِ بَعْدَ الْيَاءِ، وَمَنْ ضَمَّ; جَازَ أَنْ تَكُونَ الضَّمَّةُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ; نَحْوُ: (نَحْنُ) وَ {هَيْتُ لَكَ} [يُوسُفَ:23] وَرُوِيَ: أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيَّ سُئِلَ عَنْهَا - وَهُوَ الْقَارِئُ بِالضَّمِّ - فَقَالَ: هِيَ بِلُغَةِ
طَيِّئٍ: (يَا إِنْسَانُ).
أَبُو الْفَتْحِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ (يَا إِنْسَانُ) فَاكْتَفَى مِنْ جَمِيعِ الِاسْمِ بِالسِّينِ، فَـ (يَا) عَلَى هَذَا حَرْفُ نِدَاءٍ; كَقَوْلِكَ: (يَا رَجُلُ
nindex.php?page=treesubj&link=28908وَمَنْ قَرَأَ: nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ بِالنَّصْبِ; فَعَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَمَنْ رَفَعَ; أَضْمَرَ مُبْتَدَأً، وَالْجَرُّ جَائِزٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ {الْقُرْآنِ} .
[ ص: 397 ] وَمَنْ قَرَأَ: {فَأَعْشَيْنَاهُمْ} بِالْعَيْنِ; فَهُوَ مَنْقُولٌ بِالْهَمْزَةِ مِنْ (عَشِيَ) مِنَ (الْعَشَا) فِي الْعَيْنِ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً; فَالْمَعْنَى: فَغَطَّيْنَا أَبْصَارَهُمْ، وَهُمَا يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنًى.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ {مَثَلًا} وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ مَفْعُولَيْنِ لِـ {اضْرِبْ} وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=13أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: {مَثَلًا} عَلَى تَقْدِيرِ: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا مَثَلَ أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=14فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ : مَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ; فَمَعْنَاهُ: غَلَبْنَا; وَمِنْهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ص 23] وَمَنْ شَدَّدَ; فَمَعْنَاهُ: قَوَّيْنَا، وَكَثَّرْنَا.
وَمَنْ قَرَأَ: {أَيْنَ ذُكِّرْتُمْ} فَمَعْنَاهُ: حَيْثُ كُنْتُمْ فَذُكِّرْتُمْ، وَ {أَيْنَ}: لِلشَّرْطِ، وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ; لِدَلَالَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ عَلَيْهِ; كَأَنَّهُ قَالَ: أَيْنَ وُجِدْتُمْ، أَوْ ذُكِّرْتُمْ; وُجِدَ شُؤْمُكُمْ مَعَكُمْ.
[ ص: 398 ] وَمَنْ قَرَأَ: {أَنْ} بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ; فَمَوْضِعُ {أَنْ} نَصْبٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ أَجَابَهُمْ، فَقَالَ: بَلْ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَنْ ذُكِّرْتُمْ; أَيْ: لِأَنْ ذُكِّرْتُمْ، فَلَمْ تَتَذَكَّرُوا، وَلَمْ تَنْتَهُوا، وَلَا يُوقَفُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى {مَعَكُمْ} .
وَمَنْ قَرَأَ: {آنَ ذُكِّرْتُمْ} فَالْمَعْنَى: أَلِأَنْ ذُكِّرْتُمْ؟ أَدْخَلَ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى (أَنْ) حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ.
وَمَنْ قَرَأَ: {أَيْنَ ذُكِّرْتُمُ} فَهِيَ {إِنِ} الَّتِي لِلْجَزَاءِ، دَخَلَتْ عَلَيْهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ; فَالْمَعْنَى: أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ تَشَاءَمْتُمْ؟
وَيُوقَفُ عَلَى قِرَاءَتَيِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى {مَعَكُمْ} لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ، فَهُوَ يَقْطَعُ مَا قَبْلَهُ مِمَّا بَعْدَهُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=26يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=27بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَا) اسْتِفْهَامًا)
[ ص: 399 ] فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ; كَأَنَّهُ قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ غَفَرَ لِي رَبِّي؟! عَلَى أَنَّ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ فِي الِاسْتِفْهَامِ قَلِيلٌ، فَيُوقَفُ عَلَى هَذَا عَلَى {يَعْلَمُونَ} .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَا) وَالْفِعْلُ مَصْدَرًا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِغُفْرَانِ رَبِّي لِي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى: (الَّذِي) وَالْعَائِدُ مِنَ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً : النَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ: مَا كَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً، وَالرَّفْعُ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى; لِأَنَّ الْمَعْنَى: قَدْ كَانَتْ هُنَاكَ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ; فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِمْ إِلَّا صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَأَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ
أَبُو حَاتِمٍ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ; بِسَبَبِ التَّأْنِيثِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ; كَمَا يَكُونُ (مَا قَامَتْ إِلَّا هِنْدٌ) ضَعِيفًا; مِنْ حَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى: مَا قَامَ أَحَدٌ إِلَّا هِنْدٌ.
وَمَنْ قَرَأَ {يَا حَسْرَهْ عَلَى الْعِبَادِ} بِإِسْكَانِ الْهَاءِ; جَازَ أَنْ يَكُونَ {عَلَى الْعِبَادِ}
[ ص: 400 ] مُتَعَلِّقًا بِـ (الْحَسْرَةِ) وَإِسْكَانُ الْهَاءِ; لِلْحِرْصِ عَلَى الْبَيَانِ وَتَقْرِيرِ الْمَعْنَى فِي النَّفْسِ; إِذْ كَانَ مَوْضِعَ وَعْظٍ وَتَنْبِيهٍ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لِلْوَقْفِ، وَمِنْ ذَلِكَ: مَا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=667872عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَّهُ كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاتَهُ حَرْفًا حَرْفًا) حِرْصًا عَلَى الْبَيَانِ وَالْإِفْهَامِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ {عَلَى الْعِبَادِ} مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، لَا بِـ (الْحَسْرَةِ) فَكَأَنَّهُ قَدَّرَ الْوَقْفَ عَلَى (حَسْرَهْ) فَأَسْكَنَ الْهَاءَ، ثُمَّ قَالَ: {عَلَى الْعِبَادِ} [أَيْ: أَتَحَسَّرُ عَلَى الْعِبَادِ].
وَمَنْ قَرَأَ: {يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ} جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، فَيَكُونُ (الْعِبَادُ) فَاعِلِينَ، كَأَنَّهُمْ إِذَا شَاهَدُوا الْعَذَابَ تَحَسَّرُوا، فَهُوَ كَقَوْلِكَ: (يَا قِيَامَ زَيْدٍ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَفْعُولِ، فَيَكُونُ (الْعِبَادُ) مَفْعُولِينَ، فَكَأَنَّ الْعِبَادَ يَتَحَسَّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُشْفِقُ لَهُمْ، وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=30يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مُقَوِّيَةٌ لِهَذَا الْمَعْنَى.
[ ص: 401 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ : قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=31أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ بَدَلٌ مِنْ {كَمْ} وَمَعْنَى {كَمْ} هَهُنَا الْخَبَرُ; فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُبْدَلَ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِاسْتِفْهَامٍ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=32وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ : {إِنْ}: مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَمَا بَعْدَهَا مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَمَا بَعْدَهُ الْخَبَرُ، وَبَطَلَ عَمَلُهَا حِينَ تَغَيَّرَ لَفْظُهَا، وَلَزِمَتِ اللَّامُ فِي الْخَبَرِ; لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي بِمَعْنَى: (مَا) وَ (مَا) عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبِي عُبَيْدَةَ زَائِدَةٌ; وَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُ: وَإِنْ كُلٌّ لَجَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ، فَـ{كُلٌّ}: مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ: (لَجَمِيعٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (لَجَمِيعٌ) بَدَلًا، مِنْ (مَا) أَوْ نَعْتًا لَهَا; وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كُلٌّ لَخَلْقٌ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ، وَحَسُنَ ذَلِكَ; لِأَنَّ مَنْ يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ يَحْضُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ شَدَّدَ جَعَلَ (إِنَّ) بِمَعْنَى: (مَا) وَ (لَمَّا) بِمَعْنَى: (إِلَّا) وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِثْلِهِ.
[ ص: 402 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (مَا) مَوْصُولَةً فِي مَوْضِعِ جَرٍّ; عَطْفًا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35مِنْ ثَمَرِهِ وَحُذِفَتِ الْهَاءُ الرَّاجِعَةُ إِلَى الصِّلَةِ إِلَى الْمَوْصُولِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ حَذَفَ، وَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=35وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ عَلَى الْأَصْلِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ {مَا} نَافِيَةً، فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى صِلَةٍ، وَلَا رَاجِعٍ، وَيَحْتَاجُ مَنْ حَذَفَ الْهَاءَ -وَهُوَ يُقَدِّرُ {مَا} نَافِيَةً- إِلَى إِضْمَارِ مَفْعُولٍ لِـ {عَمِلَتْ} .
وَقَوْلُهُ: {وَالْقَمَرُ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}: مَنْ رَفَعَ فَعَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ: وَآيَةٌ لَهُمُ الْقَمَرُ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ، عَلَى الْحَمْلِ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ .
وَمَنْ نَصَبَ {وَالْقَمَرَ} فَبِإِضْمَارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ; وَهُوَ {قَدَّرْنَاهُ}
وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا .
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=41وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ {أَنَّ} خَبَرٌ عَنْ {وَآيَةٌ} وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ {وَآيَةٌ} قَوْلَهُ: {لَهُمْ} وَ (أَنَّ) فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ فِي الْجُمْلَةِ، وَ (أَنَّ) وَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ التَّفْسِيرِ لِـ (الْآيَةِ).
[ ص: 403 ] وَجَازَ أَنْ تَكُونَ (أَنَّ) مُبْتَدَأَةً; مِنْ أَجْلِ تَعَلُّقِهَا بِمَا قَبْلَهَا; لِأَنَّ (أَنَّ) الشَّدِيدَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً كَمَا تَكُونُ الْخَفِيفَةُ.
* * *