251 (باب صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء عليهم السلام)

والنووي أورده في "باب الإسراء"، ولم يفرد له ترجمة على حدة.

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 237 - 238 ج2 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط، قال: فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة [ ص: 320 ] من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلي، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي أشبه الناس به صاحبكم يعني نفسه، فحانت الصلاة فأممتهم، فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد، هذا مالك صاحب النار فسلم عليه، فالتفت إليه، فبدأني بالسلام ].

251 (بَابُ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)

وَالنَّوَوِيُّ أَوْرَدَهُ فِي "بَابِ الْإِسْرَاءِ"، وَلَمْ يُفْرِدْ لَهُ تَرْجَمَةً عَلَى حِدَةٍ.

(حَدِيثُ الْبَابِ)

وَهُوَ بِصَحِيحِ مُسْلِمٍ \ النَّوَوِيُّ ص 237 - 238 ج2 الْمَطْبَعَةُ الْمِصْرِيَّةُ

[عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحَجَرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ [ ص: 320 ] مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةً، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ ].

التالي السابق

الشرح

(الشَّرْحُ)

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحَجَرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً، مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ".

الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مَعْنَى "الْكُرْبَةِ"، وَهُوَ "الْكَرْبُ"، أَوِ الْغَمُّ، أَوِ الْهَمُّ، أَوِ الشَّيْءُ".

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ "الْكُرْبَةُ، بِالضَّمِّ الْغَمُّ الَّذِي يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ. وَكَذَلِكَ "الْكَرْبُ"، وَكَرِبَهُ الْغَمُّ. إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ.

"قَالَ": "فَرَفَعَهُ اللَّهُ فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ".

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ "قَالَ: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الْحَجَرِ، [ ص: 321 ] فَجَلَّى اللَّهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ".

"وَجَلَّى" بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِهَا، وَهُمَا ظَاهِرَانِ، وَالْمَعْنَى "كَشَفَ وَأَظْهَرَ".

"وَفِيهِ" عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ.

"وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ" صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ..

"فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي؛ فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ، بِإِسْكَانِ الرَّاءِ.

قَالَ عِيَاضٌ: هُوَ الرَّجُلُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فِي كَثْرَةِ اللَّحْمِ وَقِلَّتِهِ.

وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: "الضَّرْبُ" هُوَ الرَّجُلُ الْخَفِيفُ اللَّحْمِ. قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَصَاحِبُ "الْمُجْمَلِ"، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَالْجَوْهَرِيُّ، وَآخَرُونَ لَا يُحْصَوْنَ.

"جَعْدٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةٍ، وَإِذَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا؛ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ. وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَائِمٌ يُصَلِّي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ". يَعْنِي نَفْسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ "فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ"، أَيْ: صِرْتُ إِمَامَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَقَدْ تَكُونُ "الصَّلَاةُ" هُنَا مَعْنَى الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ فِي صَلَاتِهِمْ، عِنْدَ ذِكْرِ طَوَافِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُ مُوسَى فِي قَبْرِهِ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ. قَبْلَ صُعُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ. وَفِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. ثُمَّ وَجَدَ مُوسَى قَدْ سَبَقَهُ إِلَى السَّمَاءِ.

[ ص: 322 ] وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْأَنْبِيَاءَ وَصَلَّى بِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَوَّلِ مَا رَآهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ.

أَوْ يَكُونُ اجْتِمَاعُهُ بِهِمْ، وَصَلَاتُهُ، وَرُؤْيَتُهُ مُوسَى، بَعْدَ انْصِرَافِهِ وَرُجُوعِهِ عَنْ "سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى". قَالَهُ عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

"فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ؛ قَالَ لِي قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ ! هَذَا "مَالِكٌ" صَاحِبُ النَّارِ. فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ ".

وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ "وَرَأَيْتُ مَالِكًا"، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ "وَأُرِيَ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ، وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ .

وَهَذَا الِاسْتِشْهَادُ، هُوَ مِنَ اسْتِدْلَالِ بَعْضِ الرُّوَاةِ.

وَكَانَ "قَتَادَةُ" يُفَسِّرُهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَقِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ..

(الشرح)

(عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة، ما كربت مثله قط".

الضمير يعود على معنى "الكربة"، وهو "الكرب"، أو الغم، أو الهم، أو الشيء".

قال الجوهري "الكربة، بالضم الغم الذي يأخذ بالنفس. وكذلك "الكرب"، وكربه الغم. إذا اشتد عليه.

"قال": "فرفعه الله فأنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به".

وفي حديث جابر عند مسلم "قال: لما كذبتني قريش، قمت في الحجر، [ ص: 321 ] فجلى الله في بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه".

"وجلى" بتشديد اللام وتخفيفها، وهما ظاهران، والمعنى "كشف وأظهر".

"وفيه" علم من أعلام النبوة.

"وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء" صلوات الله عليهم أجمعين..

"فإذا موسى قائم يصلي؛ فإذا رجل ضرب، بإسكان الراء.

قال عياض: هو الرجل بين الرجلين، في كثرة اللحم وقلته.

وقال أهل اللغة: "الضرب" هو الرجل الخفيف اللحم. قاله ابن السكيت وصاحب "المجمل"، والزبيدي، والجوهري، وآخرون لا يحصون.

"جعد، كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مريم عليه السلام، قائم يصلي، أقرب الناس به شبها؛ عروة بن مسعود الثقفي. وإذا إبراهيم عليه السلام، قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم". يعني نفسه صلى الله عليه وسلم؛ "فحانت الصلاة فأممتهم"، أي: صرت إمامهم في الصلاة، وصليت بهم وقد تكون "الصلاة" هنا معنى الذكر والدعاء. وقد تقدم الجواب في صلاتهم، عند ذكر طواف موسى وعيسى عليهما السلام.

ويحتمل أن تكون رؤيته موسى في قبره، عند الكثيب الأحمر. قبل صعود النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء. وفي طريقه إلى بيت المقدس. ثم وجد موسى قد سبقه إلى السماء.

[ ص: 322 ] ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم رأى الأنبياء وصلى بهم على تلك الحال لأول ما رآهم، ثم سألوه ورحبوا به.

أو يكون اجتماعه بهم، وصلاته، ورؤيته موسى، بعد انصرافه ورجوعه عن "سدرة المنتهى". قاله عياض رحمه الله تعالى.

"فلما فرغت من الصلاة؛ قال لي قائل: يا محمد ! هذا "مالك" صاحب النار. فسلم عليه، فالتفت إليه فبدأني بالسلام ".

وفي البخاري في هذا الحديث "ورأيت مالكا"، وفي حديث ابن عباس عند مسلم "وأري مالكا خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه .

وهذا الاستشهاد، هو من استدلال بعض الرواة.

وكان "قتادة" يفسرها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى عليه السلام.

ووافقه عليه جماعة من أهل العلم، والله أعلم..