الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              142 (باب منه) وذكره النووي في الباب المتقدم

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 100-101 ج2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن صفوان بن محرز أنه حدث أن جندب بن عبد الله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة ابن الزبير ، فقال: اجمع لي نفرا من إخوانك، حتى أحدثهم، فبعث رسولا إليهم، فلما اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس أصفر، فقال: تحدثوا بما كنتم تحدثون به حتى دار الحديث، فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه فقال: إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين وإنهم التقوا فكان رجل [ ص: 84 ] من المشركين، إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته قال: وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله، فقتله فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال لم قتلته قال: يا رسول الله ! أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال لا إله إلا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقتلته؟ قال: نعم قال: فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال: يا رسول الله ! استغفر لي قال: وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              عن صفوان بن محرز: أن جندب بن عبد الله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة البصري، وحديثه مرسل، قاله البخاري وابن عبد البر.

                                                                                                                              وذكره ابن أبي حاتم في التابعين، وهو من الأسماء المفردة، لا يعرف له نظير (زمن فتنة ابن الزبير» ، فقال: اجمع لي نفرا من إخوانك حتى أحدثهم. فبعث رسولا إليهم. فلما اجتمعوا جاء «جندب» وعليه برنس أصفر. بضم الباء والنون، قال أهل اللغة: هو كل ثوب رأسه ملتصق به؛ دراعة كانت أوجبة أو غيرهما؛ (فقال تحدثوا بما كنتم تحدثون به. حتى دار الحديث؛ فلما دار الحديث إليه حسر البرنس [ ص: 85 ] عن رأسه. أي: كشفه «فقال: إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم) . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنهم التقوا، فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين، قصد له فقتله. وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته، وفي فعل جندب بن عبد الله من جمع النفر ووعظهم أنه ينبغي للعالم، والرجل العظيم المطاع، وذي الشهرة، أن يسكن الناس عند الفتن، ويعظهم ويوضح لهم الدلائل. قال: (وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد» ، فلما رجع عليه السيف ) . وفي رواية «رفع» قال النووي: وكلاهما صحيح. قال: (لا إله إلا الله) فقتله، فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره، حتى «أخبره» خبر الرجل كيف صنع. فدعاه فسأله فقال: «لم قتلته؟» قال: يا رسول الله! أوجع في المسلمين. فقتل فلانا وفلانا «وسمى له نفرا» ، وإني حملت عليه. فلما رأى السيف، قال: (لا إله إلا الله) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلته» ؟ قال: نعم. قال: «فكيف تصنع (بلا إله إلا الله) إذا جاءت يوم القيامة» ؟ قال: يا رسول الله: استغفر لي. قال: «وكيف [ ص: 86 ] تصنع (بلا إله إلا الله) إذا جاءت يوم القيامة؟ قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: «كيف تصنع (بلا إله إلا الله) إذا جاءت يوم القيامة؟ ) أي: ولم يوجب عليه شيئا من قصاص، ولا دية، ولا كفارة، كما تقدم؛

                                                                                                                              وفي إسناد بعض روايات هذا الحديث ما أنكره الدارقطني وغيره.

                                                                                                                              و حاصل هذا الخلاف والاضطراب، إنما هو في رواية الوليد عن الأوزاعي؛ وأما رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج فلا شك في صحتها، وهذه الروايات هي المستقلة بالعمل وعليه الاعتماد، وأما رواية الأوزاعي فذكرها متابعة، والاضطراب الذي فيه لا يقدح في صحة أصل هذا الحديث.

                                                                                                                              قال النووي: وقد قدمنا أن استدراكات الدارقطني من هذا النحو، ولا يؤثر ذلك في صحة المتون، وقدمنا أيضا في الفصول اعتذار «مسلم» عن نحو هذا بأنه ليس الاعتماد عليه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية