[ ص: 15 ] فصل
البخاري وتلقتهما الأمة بالقبول، ومسلم. قال اتفق أهل العلم على أن أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز «الصحيحان» كتاب الحاكم: أصح، ووافقه بعض شيوخ المغرب. مسلم
والصحيح أن كتاب أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف. وقد صح أن البخاري كان ممن يستفيد من البخاري، ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث. مسلما
وقد انتخب علمه، ولخص ما ارتضاه في هذا الكتاب، وبقي في تهذيبه وانتقائه «ست عشرة سنة» ، وجمعه من ألوف مؤلفة، ومن الأحاديث الصحيحة، وانفرد بفائدة حسنة وهي: كونه أسهل متناولا من حيث إنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به، جمع فيه طرقه، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده «مسلم» من طرقه.
قال لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة «الحديث» فمدارهم على هذا «المسند» يعني: صحيحه. وقال: صنفت هذا «المسند» من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. مسلم:
قال ابن الصلاح: في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة، من أوله إلى منتهاه، سالما من الشذوذ والعلة. «مسلم» قال: وهذا حد الصحيح. فكل حديث اجتمعت فيه هذه الشروط فهو صحيح بلا خلاف بين أهل الحديث. انتهى. شرط
[ ص: 16 ] قال الحاكم: في «المسند الصحيح» ، ولم يحتج بهم «مسلم» في «الجامع الصحيح» ستمائة وخمسة وعشرون «البخاري» شيخا والله أعلم. عدد من احتج بهم ولم يخرج لهم مسلم «أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا» البخاري ، انتهى. وعدد من أخرج لهم
والتعليق في كتاب كثير، وفي كتاب مسلم قليل جدا وله حكم الصحيح. البخاري
والانقطاع الواقع فيما رواه في كتابه في «أربعة عشر موضعا» ذكرها النووي في شرحه، وأطال في بيانه. مسلم
قال وما اتفق ابن الصلاح: البخاري على إخراجه فهو مقطوع بصدق مخبره، ثابت يقينا لتلقي الأمة ذلك بالقبول، وذلك يفيد العلم النظري، وهو في إفادة العلم كالمتواتر، إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري. ومسلم
وقد انتهى حاصله. اتفقت الأمة على أن ما اتفق الشيخان على صدقه فهو حق وصدق.
ويفترق الصحيحان عن غيرهما من الكتب، في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا. وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحيح. وكتاب هذا أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات. وكذا كتاب «مسلم» «بإسقاطها» (2) ثم إن «البخاري» ، «رح» رتب كتابه على «أبواب، لكن [ ص: 17 ] لم يذكر تراجمها. وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيد وبعضها ليس بجيد. قال النووي: وأنا أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها انتهى. «مسلما»
وأما تراجم تلخيصه «للمنذري» فستأتي عند نشرها إن شاء الله تعالى.