الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        10 - قوله تعالى : وما كفر سليمان

                                                                                                                        11103 - أخبرنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان الذي أصاب سليمان بن داود عليه السلام في سبب امرأة من أهله يقال لها جرادة ، وكانت أحب نسائه إليه ، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء أعطاها الخاتم ، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوما إلى سليمان بن داود عليه السلام ، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة ، فيقضي لهم ، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحدا ، فجاء حين أراد الله أن يبتليه ، فأعطاها الخاتم ، ودخل الخلاء ، وتمثل الشيطان في صورة سليمان ، قال : هاتي خاتمي ، فأعطته خاتمه ، فلبسه ، فلما لبسه دانت له الشياطين والإنس والجن وكل شيء ، جاءها سليمان ، قال : هاتي خاتمي ، قالت : اخرج لست بسليمان ، قال سليمان عليه السلام : إن ذاك من أمر الله ، أبتلى به ، فخرج ، فجعل إذا قال : أنا سليمان ، رجموه حتى يدمون [ ص: 17 ] عقبه ، فخرج يحمل على شاطئ البحر ، ومكث هذا الشيطان فيهم مقيما ينكح نساءه ويقضي بينهم ، فلما أراد الله عز وجل أن يرد على سليمان ملكه ، انطلقت الشياطين ، وكتبوا كتبا فيها سحر وفيها كفر ، فدفنوها تحت كرسي سليمان عليه السلام ، ثم أثاروها ، وقالوا : هذا كان يفتن الجن والإنس ، قال : فأكفر الناس سليمان حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل على محمد عليه السلام : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ، يقول : الذي صنعوا ، فخرج سليمان يحمل على شاطئ البحر ، قال : ولما أنكر الناس - لما أراد الله أن يرد على سليمان ملكه أنكروا - انطلقت الشياطين ، جاؤوا إلى نسائه فسألوهن ، فقلن : إنه ليأتينا ونحن حيض ، وما كان يأتينا قبل ذلك ، فلما رأى الشيطان أنه حضر هلاكه ، هرب وأرسل به ، فألقاه في البحر ، وفي الحديث : فتلقاه سمكه فأخذه ، وخرج الشيطان حتى لحق بجزيرة في البحر ، وخرج سليمان عليه السلام يحمل لرجل سمكا ، قال : بكم تحمل ؟ قال : بسمكة من هذا السمك ، فحمل معه حتى بلغ به ، أعطاه السمكة التي في بطنها الخاتم ، فلما أعطاه السمكة شق بطنها يريد يشويها ، فإذا الخاتم ، فلبسه ، فأقبل إليه الإنس والشياطين ، فأرسل في طلب الشيطان ، فجعلوا لا يطيقونه ، فقال : احتالوا له ، فذهبوا فوجدوه نائما قد سكر ، فبنوا عليه بيتا من رصاص ، ثم جاؤوا [ ص: 18 ] ليأخذوه ، فوثب ، فجعل لا يثب في ناحية إلا أماط الرصاص معه ، فأخذوه ، فجاؤوا به إلى سليمان ، فأمر بتخت من رخام ، فنقر ، ثم أدخله في جوفه ، ثم سده بالنحاس ، ثم أمر به ، فطرح في البحر .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية