11409 - أخبرنا ، حدثنا أحمد بن سليمان ، حدثنا زيد بن الحباب ، قال : وحدثني سليمان بن المغيرة ، عن سلام بن مسكين بن ربيعة النمري ، عن ثابت البناني عبد الله بن رباح الأنصاري ، قال ومعنا معاوية بن أبي سفيان ، وذلك في شهر رمضان ، فكان أبو هريرة يدعو كثيرا إلى رحله ، فقلت لأهلي : اجعلوا لنا طعاما ، ففعلوا أبو هريرة ، فلقيت : وفدنا إلى بالعشي فقلت : الدعوة عندي الليلة ، فقال : لقد سبقتني إليها ، فقلت : أجل ، قال : فجاءنا فقال : يا أبا هريرة معشر الأنصار ، ألا أعلمكم بحديث من حديثكم ؟ قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إحدى المجنبتين ، الزبير بن العوام وخالد بن الوليد على الأخرى ، قال : فبصر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 186 ] في كبكبة ، فهتف بي ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : " اهتف لي بالأنصار " فهتفت بهم ، فطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كأنهم كانوا على ميعاد ، قال : " يا معشر الأنصار ، إن قريشا قد جمعوا لنا ، فإذا لقيتموهم فاحصدوهم حصدا ، حتى توافوني بالصفا ، الصفا ميعادكم " قال : فما لقينا منهم أحدا إلا فعلنا به كذا وكذا ، وجاء أبو هريرة فقال : يا رسول الله ، أبحت خضراء أبو سفيان قريش ، لا قريش بعد اليوم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة ، يعني : دخلوا فيها " قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت ، فجعل يمر بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب ، ثم قال : " يا معشر قريش ، ما تقولون ؟ " قالوا : نقول : ابن أخ ، وابن عم رحيم كريم ، ثم عاد عليهم القول ، قالوا مثل ذلك ، قال : " فإني أقول كما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، [ ص: 187 ] فخرجوا فبايعوه على الإسلام .
ثم أتى الصفا لميعاد الأنصار ، فقام على الصفا على مكان يرى البيت منه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر نصره إياه ، فقالت الأنصار ، وهم أسفل منه : أما الرجل فقد أدركته رأفة لقرابته ، ورغبته في عشيرته ، فجاءه الوحي بذلك ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الوحي لم يستطع أحد منا يرفع طرفه إليه حتى ينقضي الوحي عنه ، فلما قضي الوحي قال : " هيه يا معشر أبو هريرة الأنصار ، أقلتم : أما الرجل فأدركته رأفة بقرابته ، ورغبة في عشيرته ، والله إني لرسول الله ، لقد هاجرت إلى الله ، ثم إليكم ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم " قال : فرأيت الشيوخ يبكون ، حتى بل الدموع لحاهم ، ثم قالوا : معذرة إلى الله ورسوله ، والله ما قلنا الذي قلنا إلا ضنا بالله وبرسوله ، قال : " فإن الله قد صدقكم ورسوله ، وقبل قولكم أبو هريرة " .