الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                                        السنن الكبرى للنسائي

                                                                                                                        النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        8519 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا أبو عامر ، وعثمان بن عمر ، عن إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج هو وإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم شنة - يعني - فيها ماء ، فجعلت تشرب الماء ويدر لبنها على صبيها ، حتى إذا دخلوا مكة وضعها تحت دوحة ، ثم [ ص: 461 ] تولى راجعا ، وتتبع أم إسماعيل أثره ، حتى إذا بلغت كداء نادته : يا إبراهيم ، إلى من تتركنا ؟ - قال أبو عامر : إلى من تكلنا ؟ - قال : إلى الله عز وجل ، قالت : رضيت بالله ، ثم رجعت ، فجعلت تشرب منها ، ويدر لبنها على صبيها ، فلما فني بلغ من الصبي العطش ، قالت : لو ذهبت فنظرت ؛ لعلي أحس أحدا ، فقامت على الصفا ، فإذا هي لا تحس أحدا ، فنزلت ، فلما حاذت بالوادي رفعت إزارها ، ثم سعت حتى تأتي المروة ، فنظرت فلم تحس أحدا ، ففعلت ذلك أشواطا ، ثم قالت : لو اطلعت حتى أنظر ما فعل ، فإذا هو على حاله ، فأبت نفسها حتى رجعت لعلها تحس أحدا ، فصنعت ذلك حتى أتمت سبعا ، ثم قالت : لو اطلعت حتى أنظر ما فعل ، فإذا هو على حاله ، وإذا هي تسمع صوتا ، فقالت : قد سمعت ، فقل تحب ، أو يأتي منك خير - قال أبو عامر : قد سمعت فأغث - فإذا هو جبريل ، فركض بقدمه ، فنبع ، فذهبت أم إسماعيل تحفر .

                                                                                                                        قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : لو تركت أم إسماعيل الماء كان ظاهرا . فمر ناس من جرهم ، فإذا هم بالطير ، فقالوا : ما يكون هذا الطير إلا على ماء ، فأرسلوا رسولهم وكريهم ، فجاؤوا إليها ، فقالوا : [ ص: 462 ] ألا نكون معك ؟ قالت : بلى ، فسكنوا معها ، وتزوج إسماعيل صلى الله عليه وسلم امرأة منهم ، ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، قال : إني مطلع تركتي ، فجاء فسأل عن إسماعيل : أين هو ؟ فقالوا : يصيد ، ولم يعرضوا عليه شيئا ، قال : إذا جاء فقولوا له : يغير عتبة بيته ، فجاء فأخبرته ، فقال : أنت ذلك ، فانطلقي إلى أهلك ، ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، فقال : إني مطلع تركتي ، فجاء أهل إسماعيل ، فقال : أين هو ؟ قالوا : ذهب يصيد ، وقالوا له : انزل فاطعم واشرب ، قال : وما طعامكم وشرابكم ؟ قالوا : طعامنا اللحم ، وشرابنا الماء ، قال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم .

                                                                                                                        قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : فلا تزال فيه بركة بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم . ثم إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بدا له ، فقال : إني مطلع تركتي ، فجاء ، فإذا إسماعيل وراء زمزم ، يصلح نبلا له صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا إسماعيل ، إن ربك عز وجل قد أمرني أن أبني له بيتا ، قال : أطع ربك ، قال : وقد أمرني أن تعينني عليه ، قال : فجعل إسماعيل صلى الله عليه وسلم يناول إبراهيم الحجارة ، ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، فلما أن رفع البنيان ، وضعف الشيخ عن رفع الحجارة ، فقام على المقام ، وجعل إسماعيل يناوله الحجارة ، ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
                                                                                                                        .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية