[ ص: 178 ] الحكمة في خلق الله تعالى الإنسان من نطفة ثم من مضغة ثم من علقة
والنكتة التي يناسب ذكرها في هذا الموضع هي أن الله - تعالى شأنه - يقدر على أن يكون الآدمي على صورته في لمحة .
وليس الخلق بهذا الترتيب والتدريج بنقصان في القدرة ، حاشاه عن ذلك ، بل هذا من كمال القدرة له والحكمة منه سبحانه; فإن في خلق الأسباب وترتيب المسببات عليها قدرا متعددة ، وحكما متنوعة ، ليست في الخلق بلا سبب .
وأيضا في ذلك تعليم للعباد ، وتلقين لهم في رعاية التأني والتدريج في أمورهم كما في خلق السماوات والأرض في ستة أيام .
وقال المحققون : هذه النكتة تنبيه وإعلام للإنسان بأن الوصول إلى الكمال المعنوي ، لا يكون إلا بطريق التدريج ، مرتبة بعد مرتبة ، كما يحصل الكمال الظاهر والوصول إليه درجة فدرجة ، والانتقال من طور إلى طور . فهكذا ينبغي أن يسير في مراتب السلوك إلى أن يبلغ النهاية . فسبحان الله القدير الحكيم .
وبالجملة : يبعث الله تعالى ملكا بعد تمام الخلقة وتسوية البدن ، موكلا على الأرحام ، ويأمره . انتهى . ، وهذه الكتابة غير كتابة المقادير السابقة على خلق السماوات والأرض ، جرت بذلك سنة الله بكتبه تأكيدا وتقريرا للتقدير السابق . «بأربع كلمات»
وفي الحديث الآخر : إن هذا الكتب يكون بين العينين ، وله يقال كتاب التقدير .
وفي رواية : يكتب في الصحيفة أيضا . ; أي : ماذا يعمل من الحسنة والسيئة ، «فيكتب عمله» ; أي : كم يحيا وكم يموت . «وأجله»